للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: أرض الجنة يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ يعني: ينزلها عبادي المؤمنون، وهذا قول مجاهد وقتادة وسعيد بن جبير ومقاتل رضي الله عنه ويقال: إن الْأَرْضَ يعني: الأرض المقدسة يَرِثُها أي: ينزلها بنو إسرائيل. ويقال: يعني أرض الشام يرثها أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ويقال جميع الأرض تكون في آخر الزمان، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «سَيَبْلُغُ مُلْكُ أمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا» .

قوله عز وجل: إِنَّ فِي هذا، القرآن. لَبَلاغاً إلى الجنة لِقَوْمٍ عابِدِينَ، أي موحدين. ويقال: في القرآن لبلاغاً بلغهم من الله عز وجل لقوم مطيعين. وعن كعب أنه قال:

«إنهم أهل الصلوات الخمس» .

قوله عز وجل: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، يعني: وما بعثناك يا محمد إلاَّ رحمة للعالمين، يعني: نعمة للجن والإنس. ويقال: لِلْعالَمِينَ أي لجميع الخلق، لأن الناس كانوا ثلاثة أصناف: مؤمن، وكافر، ومنافق. وكان رحمة للمؤمنين، حيث هداهم طريق الجنة، ورحمة للمنافقين، حيث أمنوا القتل، ورحمة للكافرين بتأخير العذاب. وروى سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «من آمن بالله ورسوله فله الرحمة فِي الدنيا والآخرة، وَمِنَ لم يؤمن بالله ورسوله عوفي أن يصيبه ما كان يصيب الأمم قبل ذلك، فهو رحمة للمؤمنين والكافرين» . وذكر في الخبر: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال لجبريل عليه السلام: «يقول الله عز وجل: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ، فهل أصابك من هذه الرحمة؟ قال: «نعم أصابني من هذه الرحمة. أني كنت أخشى عاقبة الأمر، فآمنت بك لثناء أثنى الله تعالى علي بقوله عز وجل: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ [التكوير: ٢٠] .

قوله عز وجل: قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ، أي ربكم رب واحد، فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ؟ أي مخلصون بالتوحيد، ويقال: مخلصون بالعبادة. اللفظ لفظ الاستفهام، والمراد به: الأمر، يعني: أسلموا.

ثم قال: فَإِنْ تَوَلَّوْا يعني: فإن أعرضوا عن الإيمان، فَقُلْ آذَنْتُكُمْ يعني: أعلمتكم عَلى سَواءٍ، أي على بيان علانية غير سر. ويقال: أعلمتكم بالوحي الذي يوحى إليّ، لنستوي في الإيمان به، ويقال: معناه أعلمتكم، فقد صرت أنا وأنتم على سواء. وهذا من الاختصار.

ثم قال: وَإِنْ أَدْرِي، يعني: وما أدري، أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ من نزول العذاب بكم في الدنيا. فقل لهم: إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ، يعني: العلانية من القول.

وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ، يعني: ما تسرون من التكذيب بالعذاب.

ثم قال عز وجل: وَإِنْ أَدْرِي، يعني: وما أدري لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ يعني: لعل تأخير العذاب عنكم في الدنيا فتنة لكم، لأنهم كانوا يقولون: لو كان حقاً لنزل بنا العذاب. وَمَتاعٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>