للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، يعني: في الجنة دائمون. وقال القتبي: حدثني أبو حاتم السجستاني قال: كنت عند الأخفش وعنده الثوري، فقال: يا أبا حاتم، ما صنعت بكتاب المذكر والمؤنث؟ قلت: قد عملت فيه شيئاً. فقال: ما تقول في الفردوس؟ قلت: مذكر. قال: فإن الله يقول: هُمْ فِيها خالِدُونَ. قلت: أراد الجنة، فأنث. فقال: يا غافل، أما تسمع الناس يقولون أسألك الفردوس الأعلى؟ فقلت: يا نائم، إنما الأعلى هاهنا أفعل وليس بفعلى.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ١٢ الى ١٤]

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ (١٢) ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ (١٣) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (١٤)

قوله تعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، يعني: آدم عليه السلام. قال الكلبي ومقاتل: السلالة إذا عصر الطين، انسلّ الطين والماء بين أصابعه. وقال الكلبي: خَلَقْنَا الْإِنْسانَ يعني: ابن آدم من نطفة، سُلَّت تلك النطفة من طين، والطين آدم عليه السلام، والنطفة ما يخرج من صلبه فيقع في رحم المرأة. وقال الزجاج: سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، أي من آدم، والسلالة القليل من أن ينسل، وكل مبني على فعالة فهو يراد به القليل، مثل النخالة، والعلامة والفصالة ثُمَّ جَعَلْناهُ: يعني ذرية آدم. قال القتبي: يقال للولد سلالة والنطفة سلالة، وإنما سميت النطفة سلالة لأنها تنسل بين الصلب والترائب ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ، يعني: في مكان حريز حصين. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً، أي: حولنا الماء دماً، فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً، أي حولنا الدم مضغة، فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً أي: خلقنا في المضغة عظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ. قال عكرمة وأبو العالية والشعبي:

معناه نفخ فيه الروح.

وروى الأخفش، عن زيد بن وهب، عن عبد الله بن مسعود أنه قَالَ: «إِنَّ خَلْقَ أَحَدكُمْ يُجْمَعُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْل ذَلِكَ، ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ يَبْعَثُ الله عز وجل مَلَكاً، فَيُأْمَرُ بأنْ يَكْتُبَ أَجَلَهُ وَعَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، فَهِيَ أَرْبَعُ كَلِمَاتٍ. ثُمَّ يُنْفَخُ فيهِ الرُّوحُ» .

وروي، عن عطاء، عن ابن عباس في قوله: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قال: «نفخ فيه الروح» ، وروى ابن نجيح، عن مجاهد: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ قال: «حين استوى شاباً» وروى معمر، عن قتادة: ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، قال: «هو نبات الشعر والأسنان» ، وقال بعضهم: هو نفخ الروح، ويقال: ذكراً أو أنثى، ويقال: معناه ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ، يعني:

الجلد. وروي عن عطاء، عن ابن عباس أنه قال: «ينفخ فيه الروح» ، وروي عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرأ: «ثم أنشأته خلقاً آخر» .

<<  <  ج: ص:  >  >>