للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال: وَكَفى بِرَبِّكَ حافظاً على الدين وَنَصِيراً، أي مانعاً. ويقال: وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا يعني: فرعوناً، كما جعلنا أبا جهل فرعونك، ويقال: سلطنا على كل نبي متكبراً ليتكبر عليه ويكذبه ويؤذيه.

وروي في الخبر: «لو أن مؤمناً ارتقى على ذروة جبل، لقيّض الله تعالى إليه منافقاً يؤذيه، فيؤجر عليه وَكَفى بِرَبِّكَ يعني: اكتف بربك واصبر على أذاهم، صار هادِياً وَنَصِيراً نصباً على الحال، أي: وكفى بربك في حال الهداية والنصرة ويقال: الباء زائدة للصلة. ومعناه: كفى بربك هادِياً إلى دينه وَنَصِيراً أي مانعا.

[سورة الفرقان (٢٥) : الآيات ٣٢ الى ٣٤]

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلاً (٣٢) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاَّ جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً (٣٣) الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ أُوْلئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ سَبِيلاً (٣٤)

قوله عز وجل: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ يعني: هلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كما أنزلت التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى عليهما السلام.

يقول الله تعالى: كَذلِكَ يعني: هكذا أي أنزلناه متفرقاً لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ يعني:

لنحفظ ويقوى به قلبك ونفرحك، فلما دخل قلبه الغم نزلت عليه آية وآيتان، فيفرح بها. ويقال:

لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ يعني: ليكون قبوله على المسلمين أسهل، لأنه لو أنزلت الأحكام والشرائع كلها جملة واحدة، شق على المسلمين قبولها، كما شق على بني إسرائيل. ويقال: أنزلناه هكذا لنرسخ القرآن في قلبك، لكي تحفظ الآية والآيتين. ويقال: كَذلِكَ أنزلناه لتحكم عند كل حادثة، وعند كل واقعة، لتقوي به قلبك في ذلك.

ثم قال: وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا يعني: بيناه تبييناً. ويقال: شيء رتل ورتيل إذا كان مبيناً. وقال مجاهد: وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا أي: بعضه على أثر بعض.

وروى عكرمة عن ابن عباس قال: «أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنيا، ثم أنزل بعد ذلك جبريل عليه السلام به في عشرين سنة» ، وهو قوله تعالى: كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا [الإسراء: ١٠٦] .

ثم قال عز وجل: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ يعني: لا يخاصمونك بمثل، مثل قوله: لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً [الفرقان: ٣٢] ثم قال: إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ يعني: أنزلنا عليك جبريل عليه السلام بالقرآن فتخاصمهم به وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً يعني: وأحسن بياناً لترد به خصومهم.

ويقال: معناه ولا يأتونك بحجة، إلا بينا لك في القرآن ما فيه نقض لحجتهم، وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً أي جواباً لهم ويقال: ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بما هو أحسن من مثلهم. ويقال: كل

<<  <  ج: ص:  >  >>