للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عز وجل: قالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ يعني: قال فرعون لمن حوله من الرؤساء والأشراف، وأصله في اللغة: من ملأ. قال بعضهم: الملأ بما يراد بهم مائتان وخمسون، وقال بعضهم: ثلاثمائة وخمسون، وهم جماعة الملّي. ويقال: يملأ العين هيبة يعني: إذا نظر إليها الناظر.

ثم قال: يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ يعني: من أرض مصر فَماذا تَأْمُرُونَ يعني: تشيرون قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ يعني: أحسبهما وأخّرهما ولا تقتلهما، ولا تؤمن بهما.

وأصله: من التأخير، يعني: أخر أمرهما حتى تنظر وَابْعَثْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ يحشرون عليك السحرة يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ يعني: حاذقاً فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ وهو يوم عيد لهم، وهو يوم الزينة. قال مقاتل: هم اثنان وسبعون ساحراً. ويقال: سبعون ألفاً.

وقال الزجاج: ذكر أن السحرة كانوا اثني عشر ألفاً وَقِيلَ لِلنَّاسِ يعني: أهل مصر هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ للسحرة للميعاد لَعَلَّنا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ على أمرهم إِنْ كانُوا هُمُ الْغالِبِينَ.

قوله عز وجل: فَلَمَّا جاءَ السَّحَرَةُ يعني: إلى الميقات قالُوا لِفِرْعَوْنَ أَإِنَّ لَنا لَأَجْراً يعني: جعلا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ يعني: أتجازينا إن غلبناه قالَ نَعَمْ أجازيكم وَإِنَّكُمْ إِذاً لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ يعني: لكم مع الجائزة المنزلة والكرامة عندي قالَ لَهُمْ مُوسى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ يعني: اطرحوا فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ يعني: نغلب موسى فَأَلْقى مُوسى عَصاهُ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ يعني: تلتقم وتبتلعُ ما يَأْفِكُونَ يعني: ما يطرحون من الحبال والعصي.

قوله عز وجل: فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ ساجِدِينَ أي خروا سجداً لله تعالى قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ فقال فرعون: إياي تعنون؟ قالوا: رَبِّ مُوسى وَهارُونَ يعني: خالق موسى وهارون عليهما السلام قالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ماذا أصنع بكم لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ على شاطئ نهر مصر قالُوا يعني: السحرة لاَ ضَيْرَ أي: لا يضرنا ما فعلت بنا إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ يعني: إلى خالقنا راجعون إِنَّا نَطْمَعُ يعني: نرجو أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا يعني:

شركنا وسحرنا أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ يعني: أول المصدقين من قوم فرعون. وذكر عن الفراء أنه قال: كانوا أول مؤمني أهل دهرهم. وقال الزجاج: لا أحسبه عرف الرواية، لأن الذين كانوا مع موسى روي في التفسير أنهم ستمائة ألف وسبعين ألفاً، ولكن معناه: أول من آمن في هذه الساعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>