للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقضائه يوم القيامة وَهُوَ الْعَزِيزُ يعني: المنيع بالنقمة. الْعَلِيمُ بأحوال خلقه ويقال:

الْعَزِيزُ يعني: القوي فلا يرد له أمر، الْعَلِيمُ بأحوالهم فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ يعني: ثق بالله.

ويقال: فوّض أمرك إلى الله إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ يعني: الدين المبين، وهو الإسلام.

[سورة النمل (٢٧) : الآيات ٨٠ الى ٨١]

إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٨٠) وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٨١)

ثم قال عز وجل: إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى فهذا مثل ضربه للكفار، فكما أنك لا تسمع الموتى، فكذلك لا تفقّه كفار مكة وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ قرأ ابن كثير وَلا يَسْمَعُ بالياء والنصب وضمّ العين، والصُّمَّ بضم الميم، وقرأ الباقون بالتاء وضم التاء وكسر الميم، والصَّم بالنصب. فمن قرأ بالياء فلا يسمع، فالفعل للصم. ومن قرأ بالتاء، فالخطاب للنبي صلّى الله عليه وسلّم إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ إِذا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ يعني: أعرضوا عن الحق مكذبين.

قوله عزّ وجل: وَما أَنْتَ بِهادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ قرأ حمزة تَهْدِى العمى بغير ألف، وقرأ الباقون بالألف، فمن قرأ تهدي العمي، فمعناه: ما أنت يا محمد بالذي تهدي الذين عميت بصائرهم عن آياتنا، ولكن عليك الدعاء، ويهدي الله من يشاء، ومن قرأ بِهادِي فإن الباء دخلت لتأكيد النفي، كقولك ما أنت بعالم، فالباء لتأكيد النفي، وخفض العمي للإضافة.

ثم قال: إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا يعني: لا تسمع الهدى إلا من صدق بالقرآن أنه من الله تعالى. ويقال: بِآياتِنا يعني: أدلتنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ يعني: مخلصين مقرّين بها.

ويقال: مسلمون في علم الله تعالى.

[[سورة النمل (٢٧) : آية ٨٢]]

وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ (٨٢)

قوله عز وجل: وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ يعني: إذا وجب عليهم العذاب والسخط وذلك حين لا يقبل الله من كافر إيمانه، ولم يبق إلا من يموت كافراً في علم الله تعالى أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ وخروجها من أول أشراط الساعة تُكَلِّمُهُمْ أي تحدّثهم يعني: الدابة التي تكلم الناس بما يسوؤهم. أَنَّ النَّاسَ قرأ عاصم وحمزة والكسائي أَنَّ بالنصب، وقرأ الباقون بالكسر. فمن قرأ بالنصب، يكون حكاية قول الدابة، ومعناه: تكلمهم بأن الناس كانُوا بِآياتِنا لاَ يُوقِنُونَ أي: لا يؤمنون بآيات ربهم، وهي خروج الدابة. ومن قرأ بالكسر يكون بمعنى الابتداء، ويتم الكلام عند قوله: تُكَلِّمُهُمْ ثم يقول الله تعالى: أَنَّ النَّاسَ كانُوا بِآياتِنا لا يُوقِنُونَ يعني: لا يؤمنون. قال أبو عبيد حدّثنا هشام عن المغيرة أن أبا زرعة بن عمر وابن

<<  <  ج: ص:  >  >>