للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استغفر إلى الله تعالى فقال عز وجل: قالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ يعني: غفر الله عز وجل ذنبه إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ للذنوب لمن تاب الرَّحِيمُ بخلقه.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ١٧ الى ٢٢]

قالَ رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ (١٧) فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قالَ لَهُ مُوسى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ (١٨) فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ (١٩) وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (٢٠) فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ قالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢١)

وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ (٢٢)

ثمّ قال: قالَ موسى رَبِّ بِما أَنْعَمْتَ عَلَيَّ يعني: بالمغفرة كقوله فَبِما أَغْوَيْتَنِي [الحجر: ٣٩] يعني: أما إذا أغويتني. ثم قال: فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيراً لِلْمُجْرِمِينَ يعني: أعوذ بالله أَن أكون معيناً للكافرين، لأن الإسرائيلي كان كافراً، ولم يستثن على كلامه، فابتلاه الله عز وجل في اليوم الثاني بمثل ذلك، وكانوا لا يعرفون من قتل خباز الملك، وكانوا يطلبون قاتله فَأَصْبَحَ موسى فِي الْمَدِينَةِ خائِفاً أن يؤخذ فيقتل يَتَرَقَّبُ يعني: ينتظر الطلب. ويقال:

يتنظر الأخبار فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ يعني: رأى الإسرائيلي كان يقاتل مع رجل آخر من القبط يستصرخه يعني: يستغيثه كقوله: ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ [إبراهيم: ٢٢] يعني:

بمغيثكم قالَ لَهُ مُوسى يعني: للإسرائيلي إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ يعني: ضال بيّن ويقال: جاهل بين ويقال: ظاهر الغواية، وقد قتلت لك الأمس رجلاً، وتدعوني إلى آخر؟ ثم أقبل إليه، فظن الذي من شيعته أنه يريده، فذلك قوله تعالى: فَلَمَّا أَنْ أَرادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُما يعني: يريد أن يضرب القبطي فظن الإسرائيلي أنه يريده بعدها عاينه. قرأ أبو جعفر المدني يَبْطِشَ بضم الطاء، وقراءة العامة: بالكسر، ومعناهما واحد. فظن الإسرائيلي أن موسى يريد ضربه ف قالَ يا مُوسى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ وقال بعضهم: كان ذلك إبليس تشبه بالرجل الإسرائيلي، ليظهر أمر موسى. وقال بعضهم: كان ذلك الرجل بعينه. فقال ذلك الرجل من الخوف إِنْ تُرِيدُ يعني: ما تريد إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي الْأَرْضِ يعني: قتالاً، تقتل ظلما.

قال الكلبي: من قتل رجلين فهو جبار. ويقال: إن من سيرة الجبابرة القتل بغير حق وَما تُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ يعني: المطيعين لله تعالى. فلما قال الإسرائيلي هذا، علم القبطي أن موسى هو قاتل القبطي فرجع القبطي، فأخبرهم أن موسى هو القاتل، فائتمروا بينهم بقتل موسى. قال: فأذن فرعون بقتله فجاءه خزبيل وهو مؤمن من آل فرعون، وأخبر موسى بذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>