للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقون بالجزم. فمن قرأ بالجزم، جعله جواب الأمر، ومن قرأ بالضم جعله صفة ردءاً، أي ردءاً مصدقاً.

ثم قال: إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ أي فرعون وآله قالَ الله تعالى: سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ أي: نقويك بأخيك وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً يعني: حجة ثانية، وهي اليد والعصا فَلا يَصِلُونَ بسوء إليكما أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا يعني: من آمن بكما الْغالِبُونَ في الحجة.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٣٦ الى ٣٨]

فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُفْتَرىً وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ (٣٦) وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (٣٧) وَقالَ فِرْعَوْنُ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكاذِبِينَ (٣٨)

قوله عز وجل: فَلَمَّا جاءَهُمْ مُوسى بِآياتِنا بَيِّناتٍ يعني: جاء إلى فرعون وقومه بعلاماتنا، وذكر في رواية مقاتل: أن فرعون لم يأذن لهما إلى سنة أن يدخلا عليه. وقال في رواية السدي وغيره: أنه لما جاء إلى الباب، لم يأذن له البواب، فضرب عصاه على باب فرعون ضربة، ففزع من ذلك فرعون وجلساؤه، فدعا البواب وسأله، فأخبره أن بالباب رجلاً يقول: أنا رسول رب العالمين، فأذن له، فدخل فأدى الرسالة وأراهم العلامة. فقالوا هذا سحر، فذلك قوله عز وجل: قالُوا ما هذا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرىً يعني: ما هذا إلا كذب مختلق يعني: الذي جئت به ما هو إلا سحر قد اختلقته من ذات نفسك وَما سَمِعْنا بِهذا فِي آبائِنَا الْأَوَّلِينَ.

قوله عز وجل: وَقالَ مُوسى قرأ ابن كثير قالَ مُوسى بغير واو. وقرأ الباقون بالواو، فمن قرأ بالواو، فهو عطف جملة على جملة، ومن قرأ بغير واو، فهو استئناف قالَ مُوسى: رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ يعني: أنا جئت بالهدى من عند الله وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ يعني: هو أعلم بمن تكون له عاقبة الجنة أو النار. ويقال: بمن يكون له عاقبة الأمر والدولة. قرأ حمزة والكسائي، وَمِنْ يَكُونَ بلفظ التذكير وقرأ الباقون تَكُونُ بلفظ التأنيث.

ثم قال: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ يعني: لا يأمن الكافرون من عذابه وَقالَ فِرْعَوْنُ لأهل مصر يا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي فلا تطيعوا موسى وهذه إحدى كلمتيه التي أخذه الله بهما. والأخرى: فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [النازعات: ٢٤] .

ثم قال: فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ يعني: أوقد النار على اللبن حتى يصير آجراً.

قال مقاتل: وكان فرعون أول من طبخ الآجر وبنى به فَاجْعَلْ لِي صَرْحاً أي: قصرا طويلا

<<  <  ج: ص:  >  >>