للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وموسى عليهما السلام. وقال سعيد بن جبير: يعني موسى وهارون عليهما السلام» ويقال:

موسى وعيسى عليهما السلام. واحتج من يقرأ بغير ألف بما في سياق الآية. قُلْ فَأْتُوا بِكِتابٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدى مِنْهُما أَتَّبِعْهُ واحتج من قرأ بالألف بقوله تعالى: تَظاهَرا تعاونا، والتظاهر يكون بالناس. يقول الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم قل لهم فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه: يعني: من التوراة، والقرآن أتبعه، أي أعمل به إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ بأنهما كانا ساحرين فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ يعني: إن لم يجيبوك إلى الإتيان بالكتاب فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ بعبادة الأوثان. ويقال: يؤثرون أهواءهم على الدين وَمَنْ أَضَلُّ يعني: ومن أضر بنفسه مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ يعني: بغير بيان من الله إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يريد كفار مكة يعني: لا يرشدهم إلى دينه.

[سورة القصص (٢٨) : الآيات ٥١ الى ٥٥]

وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٥١) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ (٥٢) وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ قالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (٥٣) أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٥٤) وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقالُوا لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ (٥٥)

قوله: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ يعني: بيّنّا لكفار مكة لهم في القرآن من خبر الأمم الماضية كيف عذبوا لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ لكي يخافوا فيؤمنوا بما في القرآن ويقال: وَلَقَدْ وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ يعني: أرسلنا لهم الكتب بعضها ببعض، يعني بعثنا بعضها على إثر بعض. ويقال:

وَلَقَدْ وَصَّلْنا أي: أوصلنا لهم القول. يعني: أنزلنا لهم القرآن آية بعد آية هداية، لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ يعني: لكي يتعظوا.

ثم وصف مؤمني أهل الكتاب فقال: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ مِنْ قَبْلِهِ يعني: من قبل القرآن هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ يعني: مؤمني أهل الكتاب، وهم أربعون رجلاً من أهل الإنجيل كانوا مسلمين قبل أن يبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم: اثنان وثلاثون من أهل أرض الحبشة قدموا مع جعفر الطيار، وثمانية من أهل الشام. ويقال: إنهم ثمانية عشر رجلاً وَإِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يعني: القرآن قالُوا آمَنَّا بِهِ أي صدقنا إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنا يعني: القرآن، وذلك أنهم عرفوا بما ذكر في كتبهم من نعت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وصفته وكتابه فقالوا: إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ يعني: مِن قَبْلِ هذا القرآن، ومن قبل محمد صلّى الله عليه وسلّم كنا مخلصين.

قوله عز وجل: أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ يعني: يعطون ثوابهم ضعفين: مرة إيمانهم بكتابهم، ومرة بإيمانهم بالقرآن وبمحمد صلّى الله عليه وسلّم بِما صَبَرُوا يعني: بصبرهم على ما أوذوا، ويقال: بصبرهم على دينهم الأول، وبصبرهم على أذى المشركين، فصدقوا وثبتوا على

<<  <  ج: ص:  >  >>