للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى جابر بن زيد أن ملك الموت كان يقبض الأرواح بغير وجه، فأقبل الناس يسبونه ويلعنونه. فشكى إلى ربه عز وجل. فوضع الله عز وجل الأمراض والأوجاع. فقالوا: مات فلان بكذا وكذا.

ثم قال تعالى: الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ بعد الموت أحياءً فيجازيكم بأعمالكم.

ثم قال عز وجل: وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ يعني: المشركون ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ استحياء من ربهم بأعمالهم يقولون: رَبَّنا أَبْصَرْنا الهدى وَسَمِعْنا الإيمان. ويقال أَبْصَرْنا يوم القيامة بالمعاينة، وَسَمِعْنا يعني: أيقنوا حين لم ينفعهم يقينهم فَارْجِعْنا إلى الدنيا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ يعني: أيقنّا بالقيامة. ويقال: إِنَّا مُوقِنُونَ يعني: قد آمنا ولكن لا ينفعهم. وقد حذف الجواب لأن في الكلام دليلاً ومعناه: ولو ترى يا محمد ذلك، لرأيت ما تعتبر به غاية الاعتبار.

يقول الله تعالى: وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا يعني: لأعطينا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وَلكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي يعني: وجب العذاب مني. ويقال: ولكن سبق القول بالعذاب وهو قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ من كفار الإنس، ومن كفار الجن أجمعين. فيقول لهم الخزنة: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ يعني: ذوقوا العذاب بما تركتم لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا يعني: تركتم العمل بحضور يومكم هذا. قال القتبي: النسيان ضد الحفظ، والنسيان الترك. فقوله: فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي: تركتم الإيمان بلقاء هذا اليوم إِنَّا نَسِيناكُمْ يعني: تركناكم في العذاب. ويقال: نجازيكم بنسيانكم كما قال الله عزّ وجلّ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ [التوبة: ٦٧] وَذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ الذي لا ينقطع أبداً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من الكفر.

[سورة السجده (٣٢) : الآيات ١٥ الى ٢٠]

إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (١٥) تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (١٦) فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٩)

وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>