للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعني: على الإيمان وَهُمْ مُهْتَدُونَ يدعوكم إلى التوحيد. فقال له قومه:

تبرأت عن ديننا، واتبعت دين غيرنا. فقال: وَما لِيَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي يعني: خلقني. قرأ حمزة وابن عامر في إحدى الروايتين: وَما لِيَ بسكون الياء. وقرأ الباقون: بالفتح. وهما لغتان وكلاهما جائز.

ثم قال: وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يعني: تصيرون إليه بعد الموت، وهذا كقوله: وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ [آل عمران: ١٨٠] فقالوا له: ارجع إلى ديننا. فقال حبيب:

أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً يعني: أعبد من دونه أصناماً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ يعني: ببلاء وشدة إذا فعلت ذلك لاَّ تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً يعني: لا تقدر الآلهة أن يشفعوا لي وَلا يُنْقِذُونِ يعني: لا يدفعون عني الضرر إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ يعني: إني إذا فعلت ذلك لفي خسران بيّن إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ يعني: فاشهدوني، وأعينوني بقول لا إله إلا الله. وقال ابن عباس: أُلقي في البئر وهو الرس كما قال وَأَصْحابَ الرَّسِّ [ق: ١٢] وقال قتادة:

قتلوه بالحجارة. وهو يقول: رب اهْدِ قَوْمِي فَإنَّهُمْ لاَ يعلمون. وقال مقاتل: أخذوه ووطئوه، تحت أقدامهم، حتى خرجت أمعاؤه، ثم ألقي في البئر، وقتلوا الرسل الثلاثة. فلما ذهب بروح حبيب النجار إلى الجنة ف قِيلَ له ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وذلك حين دخلها، وعاين ما فيها من النعيم، تمنى أن يسلم قومه فقال: يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي بالذي غفر لي ربي. ويقال: بمغفرتي. ويقال: بماذا غفر لي ربي؟

فلو علموا، لآمنوا بالرسل.

ثم قال: وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ أي: الموحدين في الجنة. نصح لهم في حياته، وبعد وفاته.

يقول الله تعالى: وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ يعني: من بعد حبيب النجار مِنْ جُنْدٍ من السماء، يعني: الملائكة وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ يعني: لم نبعث إليهم أحداً إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً يعني: ما كانت إلا صيحة جبريل- عليه السلام- فَإِذا هُمْ خامِدُونَ يعني: ميتون لا يتحركون يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ يعني: يا ندامة على العباد في الآخرة. يعني: يقولون: يا حسرتنا على ما فعلنا بالأنبياء- عليهم السلام- مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ في الدنيا إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ.

ثم خوّف المشركين بمثل عذاب الأمم الخالية ليعتبروا فقال: أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا يعني: ألم يعلموا؟ ويقال: ألم يخبروكم أهلكنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يعني: كم عاقبنا من القرون الماضية أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ إلى الدنيا وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ قرأ عاصم، وحمزة، وابن عامر، بتشديد الميم. وقرأ الباقون: بالتخفيف. فمن قرأ بالتشديد

<<  <  ج: ص:  >  >>