للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله: أخبرنا الثقة بإسناده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: لما مرض أبو طالب، دخل عليه نفر من قريش، فقالوا: يا أبا طالب إن ابن أخيك يشتم آلهتنا، ويقول ويقول، ويفعل ويفعل، فأرسل إليه، فانهه عن ذلك، فأرسل إليه أبو طالب، وكان إلى جنب أبي طالب موضع رجل، فخشي أبو جهل إن جاء النبيّ صلّى الله عليه وسلم يجلس إلى جنب عمه، أن يكون أرق له عليه. فوثب أبو جهل، فجلس في ذلك المجلس، فلما جاء النبيّ صلّى الله عليه وسلم لم يجد مجلساً إلا عند الباب. فلما دخل، قال له أبو طالب: يا ابن أخي إن قومك يشكونك، ويزعمون أنك تشتم آلهتهم، وتقول وتقول، وتفعل وتفعل. فقال: «يَا عَمُّ إِنِّي إِنَّمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً، تُدِينُ لَهُمْ بِهَا العَرَبُ، وَتُؤَدِي إليهِم بِهَا العَرَبُ والعَجَمُ الجِزْيَةَ» . فقالوا: وما هي فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «لا إله إلا الله» فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم، ويقولون: جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ

يعني: الأشراف من قريش أَنِ امْشُوا يعني: امكثوا وَاصْبِرُوا يعني:

اثبتوا عَلى آلِهَتِكُمْ يعني: على عبادة آلهتكم إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ يعني: لأمر يراد كونه بأهل الأرض. ويقال: إن هذا لشىء يراد. يعني: لا يكون ولا يتم له مَّا سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ يعني: في اليهود والنصارى إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ يعني: يختلقه من قبل نفسه.

ويقال: في قوله: إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ يعني: أراد أن يكون.

ثم قال عز وجل: أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا يعني: أخصّ بالنبوة من بيننا. يقول الله عز وجل: بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي يعني: في ريب من القرآن والتوحيد بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ أي: لم يذوقوا عذابي كقوله: وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات: ١٤] أي: لم يدخل فهذا تهديد لهم، أي: سيذوقوا عذابي.

ثم قال: أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ يعني: مفاتيح رحمة ربك. يعني: مفاتيح النبوة بأيديهم، ليس ذلك بأيديهم، وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ يعني: بيد الله الْعَزِيزِ في ملكه الْوَهَّابِ لمن يشاء. بل الله يختار من يشاء للوحي، فيوحي الله عز وجل وهي الرسالة لمن يشاء وَما بَيْنَهُما فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ يعني: إن لم يرضوا بما فعل الله تعالى، فليتكلفوا الصعود إلى السماء. وقال القتبي: أسباب السماء أي:

أبواب السماء، كما قال القائل. ولو نال أسباب السماء بسلم. قال: ويكون أيضاً فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ يعني: في الجبال إلى السماء كما سألوك أن ترقى إلى السماء، فتأتيهم بآية، وهذا كله تهديد، وتوبيخ بالعجز.

[سورة ص (٣٨) : الآيات ١١ الى ٢٠]

جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ (١٢) وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ (١٣) إِنْ كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ (١٤) وَما يَنْظُرُ هؤُلاءِ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً مَّا لَها مِنْ فَواقٍ (١٥)

وَقالُوا رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسابِ (١٦) اصْبِرْ عَلى مَا يَقُولُونَ وَاذْكُرْ عَبْدَنا داوُدَ ذَا الْأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ (١٧) إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ (١٨) وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ (١٩) وَشَدَدْنا مُلْكَهُ وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطابِ (٢٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>