للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والباقون: بالنصب. فمن قرأ: بالضم. فمعناه: إن فرعون صرف عن طريق الهدى. يعني: إن الشيطان زين له سوء عمله، وصرفه عن طريق الهدى. ومن قرأ: بالنصب. فمعناه: صرف فرعون الناس عن الدين.

وَما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبابٍ أي: ما صنع فرعون إلا في خسارة يوم القيامة، كقوله:

تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ [المسد: ١] يعني: إن فرعون اختار متاعاً قليلاً، وترك الجنة الباقية، فكان عمله في الخسارة.

وَقالَ الَّذِي آمَنَ وهو حزبيل يا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشادِ يعني:

أطيعوني حتى أرشدكم، وأبيّن لكم دين الصواب.

قوله تعالى: يا قَوْمِ إِنَّما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا مَتاعٌ أي: قليل، وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دارُ الْقَرارِ لا زوال لها. مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها يعني: من عمل الشرك فلا يجزى إلا النار في الآخرة. وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ يعني: من رجل، أو امرأة، فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيها بِغَيْرِ حِسابٍ أي: بغير مقدار. وقال بعض الحكماء: إن الله تعالى قال: مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً ولم يقل من ذَكَرٍ أَوْ أنثى. وقال: وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى لأن العمل الصالح يَحْسُن من الرجل، والمرأة. والسيئة من المرأة أقبح من الرجل. فلم يذكر من ذَكَرٍ أَوْ أنثى. وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ يعني: أن حزبيل قال لقومه: ما لي أدعوكم إلى التوحيد، والطاعة، وذلك سبب النجاة، والمغفرة، فلم تطيعوني، وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ يعني: إلى عمل أهل النار.

ثم بيّن عمل أهل النار فقال: تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ يعني: لأجحد بوحدانية الله، وَأُشْرِكَ بِهِ أي: أشرك بالله، مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ يعني: مَا لَيْسَ لِى بِهِ حجة بأن مع الله شريكاً، وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ يعني: إلى دين العزيز الغفار الْعَزِيزِ في ملكه الْغَفَّارِ لمن تاب. لاَ جَرَمَ أي: حقاً يقال لاَ جَرَمَ يعني: لا بد. أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيا أي: ليس له قدرة. ويقال: ليس له استجابة دعوة تنفع في الدنيا.

وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنا إِلَى اللَّهِ أي: مصيرنا، ومرجعنا إلى الله يوم القيامة، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ يعني: المشركين، هُمْ أَصْحابُ النَّارِ يعني: هم في النار أبداً.

فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ يعني: ستعرفون إذا نزل بكم العذاب، وتعلمون أن ما أقول لكم من النصيحة أنه حق. وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ يعني: أمر نفسي إلى الله، وأدع تدبيري إليه، إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ يعني: عالم بأعمالهم، وبثوابهم. فأرادوا قتله، فهرب منهم، فبعث فرعون في طلبه، فلم يقدروا عليه، فذلك قوله: فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ مَا مَكَرُوا يعني:

<<  <  ج: ص:  >  >>