للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيِّناتُ مِنْ رَبِّي

يعني: حين جاءني الواضحات، وهو القرآن، وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ يعني: أستقيم على التوحيد، هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وقد ذكرناه من قبل، ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً يعني: يعيش الإنسان إلى أن يصير شيخاً، وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى يعني: الشباب، والشيخ، يبلغ أَجَلًا مُسَمًّى وقتاً معلوماً. ويقال: في الآية تقديم، ومعناه: ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخاً أي: لتبلغوا أَجَلًا مُسَمًّى يعني: وقت انقضاء أجله وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ أي: من قبل أن يبلغ أشده. ويقال: من قبل أن يصير شيخاً، وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ أي: لكي تعقلوا أمر ربكم، ولتستدلوا به، وتتفكروا في خلقه.

هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ أي: يحيي للبعث، ويميت في الدنيا، على معنى التقديم، ويقال: معناه هو الذي يحيي في الأرحام، ويميت عند انقضاء الآجال، فَإِذا قَضى أَمْراً يعني: أراد أن يخلق شيئاً، فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.

[سورة غافر (٤٠) : الآيات ٦٩ الى ٧٦]

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (٦٩) الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (٧٠) إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ (٧١) فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (٧٢) ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٧٣)

مِنْ دُونِ اللَّهِ قالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُوا مِنْ قَبْلُ شَيْئاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكافِرِينَ (٧٤) ذلِكُمْ بِما كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (٧٥) ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (٧٦)

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ أي: يجادلون في القرآن، أنه ليس منه، أَنَّى يُصْرَفُونَ يعني: من أين يصرفون عن القرآن، والإيمان من أين تعدلون عنه إلى غيره؟ ويقال:

عن الحق، والتوحيد.

ثم وصفهم فقال: الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتابِ أي: بالقرآن، وَبِما أَرْسَلْنا بِهِ رُسُلَنا يعني: بالتوحيد. ويقال: بالأمر، والنهي، فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ماذا ينزل بهم في الآخرة.

ثم وصف ما ينزل بهم، فقال عز وجل: إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ يعني: ترد أيمانهم إلى أعناقهم وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ يعني: تجعل السلاسل في أعناقهم، يُسْحَبُونَ، ويجرون، فِي الْحَمِيمِ يعني: في ماء حار، قد انتهى حره. قال مقاتل يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ يعني:

في حر النار. وقال الكلبي: يعني: في الماء الحار.

<<  <  ج: ص:  >  >>