للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميزان وهو العدل ويقال: وأنزل الميزان في زمان نوح. ويقال: هي الحدود والأحكام والأمر والنهي. قوله: وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ يعني: قيام الساعة قريب. وهذا كقوله:

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وقال تعالى: لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ولم يقل قريبة، لأن تأنيثها ليس بحقيقي، ولأنه انصرف إلى المعنى، يعني: للبعث. قوله تعالى: يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِها يعني: أن المشركين كانوا يقولون: مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ ويقولون:

رَبَّنا عَجِّلْ لَنا قِطَّنا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْها يعني: خائفين من قيام الساعة، لأنهم يعلمون أنهم مبعوثون، محاسبون وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ يعني: يعلمون أن الساعة كائنة. أَلا إِنَّ الَّذِينَ يُمارُونَ فِي السَّاعَةِ يعني: يشكون ويخاصمون فيها. لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ أي: في خطأ طويل، بعيد عن الحق.

قوله عز وجل: اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ يعني: عالم بعباده. ويقال: رحيم بعباده، ويقال اللطيف الذي يرزقهم في الدنيا، ولا يعاقبهم في الآخرة. ويقال: اللطيف بعباده، بالبر، والفاجر لا يهلكهم جوعاً يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حساب. ويقال يرزق من يشاء، مقدار ما يشاء، في الوقت الذي يشاء وَهُوَ الْقَوِيُّ على هلاكهم. الْعَزِيزُ يعني: المنيع لا يغلبه أحد.

قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ يعني: ثواب الآخرة بعمله. نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ يعني: ينال كليهما وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا يعني: ثواب الدنيا بعمله. نُؤْتِهِ مِنْها يعني: نعطه منها. وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ لأنه عمل لغير الله تعالى. قال أبو الليث رحمه الله: حدّثنا الفقيه أبو جعفر، قال: حدثنا محمد بن عقيل قال: حدّثنا محمد بن إسماعيل الصائغ قال: حدّثنا الحجاج قال: حدّثنا شعبة، عن عمر بن سليمان، عن عبد الرحمن بن أبان، عن أبيه، عن زيد بن ثابت، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «مَنْ كانَتْ نِيَّتُهُ الآخِرَةَ جَمَعَ الله شَمْلَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ، وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا، فَرَّقَ الله عَلَيْهِ أمْرَهُ، وَجَعلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلاَّ مَا كَتَبَ الله لَهُ» .

وقال القتبي: الحرث في اللغة العمل. يعني: من كان يريد بحرثه، أي: بعمله الْآخِرَةِ نضاعف له الحسنات. ومن أراد بعمله الدنيا أعطيناه ولا نصيب له في الآخرة.

[سورة الشورى (٤٢) : الآيات ٢١ الى ٢٣]

أَمْ لَهُمْ شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ما لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٢١) تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَهُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٢٢) ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ قُلْ لاَّ أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (٢٣)

<<  <  ج: ص:  >  >>