للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يعني: من ماء مهراق في رحم الأم، ويقال: دافق بمعنى مدفوق.

كقوله فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ [القارعة: ٧] أي: مرضية ثم قال: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ يعني: خلق من مائين، من ماء الأب يخرج من بين الصلب، ومن ماء الأم يخرج من الترائب. والترائب: موضع القردة كما قال امرؤ القيس:

مهفهفة بيضاء غير مفاضة ... ترائبها مصقولة كالسجنجل

ثم قال: إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ يعني: على بعثه وإعادته بعد الموت لقادر، ويقال على رجعه إلى صلب الآباء، وترائب الأمهات لقادر، والتفسير الأول أصح لأنه قال: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ يعني: تظهر الضمائر. ويقال: يختبر السرائر فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ يعني: ليس له قوة يدفع العذاب عن نفسه، ولا مانع يمنع العذاب عنه.

[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١١ الى ١٧]

وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥)

وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧)

وقوله: وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ فهو قسم، أقسم الله تعالى بخالق السماء ذات الرجع، يعني: يرجع السحاب بالمطر، بعد المطر والسحابة بعد السحابة وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ يعني: يتصدع فيخرج ما بالنبات والثمار، فيجعلها قوتاً لبني آدم- عليه السلام- ويقال: ذات الصدع يعني: ذات الأودية، وهو قول مجاهد وقال قتادة: يعني: ذات النبات إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ يعني: القرآن قول حق وجد وَما هُوَ بِالْهَزْلِ يعني: باللعب ويقال لم ينزل بالباطل قوله تعالى: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً يعني: يمكرون مكراً وهم أهل مكة في دار الندوة ويقال يكيدون كيداً يعني: يصنعون أمراً وهو الشرك والمعصية وَأَكِيدُ كَيْداً يعني: أصنع لهم أمراً، وهو القتل في الدنيا والعذاب في الآخرة قوله تعالى: فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ

يعني: أجل الكافرين ويقال: خل عنهم أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً يعني: أجلهم قليلاً أي إلى وقت الموت ويقال إنهم يكيدون كيداً بمعنى: الخراصون الذين يحبسون في كل طريق يعني: يصدون الناس عن دينه يعني يحبسون الناس في كل طريق يصدون الناس عن دينه. وروى عبد الرزاق عن أبي وائل عن همام مولى عثمان قال لما كتبوا المصحف شكوا في ثلاث آيات فكتبوها في كتف شاة وأرسلوها إلى أبي بن كعب وزيد بن ثابت فدخلت عليهما فناولتهما أبياً فقرأها فكان فيها لا تبديل لخلق الله وكان فيها لم يتسن فكتب لم يتسنه وكان فيها فأمهل الكافرين فمحى الألف وكتب فمهل الكافرين ونظر فيها زيد بن ثابت فانطلقت بها إليهم فناولتها زيد بن ثابت إليهم فأثبتوها في المصحف أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً يعني: أجلهم قليلاً فإن أجل الدنيا كلها قليل.

<<  <  ج: ص:  >  >>