للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل من يصنف تصنيفاً يجعل بعضه واضحاً، وبعضه مشكلاً، ويترك للحيرة موضعاً، لأن ما هان وجوده، قل بهاؤه.

ثم قال تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ يعني مَيْل عن الحق وهم اليهود فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ قال الضحاك: يعني ما نسخ منه ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ أي طلب الشرك واستبقاؤه ما هم عليه وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ أي طلب ثناء هذه الأمة. ويقال: طلب وقت قيام الساعة وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ يعني منتهى ملك هذه الأمة، وذلك أن جماعة من اليهود دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيهم حيي بن أخطب وغيره، فقالوا: بلغنا أنه نزل عليك ألم، فإن كنت صادقاً في مقالتك، فإن ملك أمتك يكون إحدى وسبعين سنة، لأن الألف في حساب الجمل واحد، واللام ثلاثون، والميم أربعون، فنزل وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، يعني: منتهى ملك هذه الأمة، ثم قال تعالى: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ قال الكلبي ومقاتل: استأنف الكلام يعني لما قال وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ، فقد تم الكلام ثم استأنف فقال: وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ أي البالغون العلم في كتبهم التوراة والإنجيل يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ يعني القرآن كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، وهو عبد الله بن سلام وأصحابه. وقال بعضهم:

هو معطوف عليه. يقول: وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يعني يعلمون تأويله.

ويقولون: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا.

وروى ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أنه كان يقرأ، وما يعلم تأويله إلا الله، ويقول الراسخون في العلم: آمنا به، وهذا يوافق قول الكلبي ومقاتل. وقال عامر الشعبي: لو كان ابن عباس بين أظهرنا ما سألته عن آية من التفسير، لأني أحلُّ حلاله، وأحرّم حرامه، وأو من بمتشابهه، وأكل ما لم أعلم منه إلى عالمه.

ثم قال تعالى: وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ يعني ما يتعظ بما أنزل من القرآن إلا ذوو العقول من الناس. ثم قال عبد الله بن سلام وأصحابه، حين سمعوا قول اليهود وتكذيبهم:

رَبَّنا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنا يعني لا تُحَوّل قلوبنا عن الهدى بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا يعني بعد ما أكرمتنا بالإسلام، وهديتنا لدينك وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً يني ثَبِّتْنا على الهدى إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ أي المعطي المثبت للمؤمنين رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ بعد الموت لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ أي في يوم لا شك فيه عند المؤمنين أنه كائنٌ لا محالة.

إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعادَ في البعث ويقال معناه إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعادَ في إجابة الدعاء يعني يوم يجمع الناس في الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>