للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض الحكماء: أولادنا فتنة إن عاشوا فتنونا، وإن ماتوا أحزنونا.

ثم قال تعالى وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ روي عن الفراء أنه قال: القناطير جمع قنطار، والمقنطرة جمع الجمع، فيكون تسع قناطير.

وروي عن أبي عبيدة أنه قال: المقنطرة مُفَعَّلة من الورق. كما يقال: ألف مؤلفة، وبذر مبذرة. ويقال: المقنطرة هي المكيلة، ثم اختلفوا في مقدار القنطار، فروي عن مجاهد أنه قال: القنطار سبعون ألف دينار. وقال أبو هريرة: القنطار اثني عشر ألف أوقية. وقال معاذ بن جبل: ألف ومائتا أوقية. وقال بعضهم: مِلْءُ مَسْكِ ثَوْرٍ من ذهب. حكاه الكلبي، وقال: هو لغة رومية.

وروي عن الحسن البصري أنه سئل عن القنطار ما هو؟ فقال: هو مثل دية أحدكم.

ثم قال تعالى: وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ يعني الراعية كما قال في آية أخرى فِيهِ تُسِيمُونَ أي ترعون. وهو قول سعيد بن جبير ومقاتل.

وقال يحيى بن كثير: هي السمينة المصورة. وقال أبو عبيدة المُعْلَمة. وَالْأَنْعامِ يعني الإبل والبقر والغنم وَالْحَرْثِ يعني الزرع، ذكر أربعة أصناف كل نوع من المال يتمول به صنف من الناس، أما الذهب والفضة، فيتمول به التجار، وأما الخيل المُسَوَّمة، فيتمول بها الملوك، وأما الأنعام، فيتمول بها أهل البوادي وأما الحرث فيتمول به أهل الرساتيق، فيكون فتنة كل صنف في النوع الذي يتمول به، وأما النساء والبنين فهي فتنة للجميع.

ثم زهد في ذلك كله، ورغب في الآخرة فقال تعالى: ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا أي منفعة الحياة الدنيا تذهب، ولا تبقى وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ أي المرجع في الآخرة الجنة، لا تزول. ولا تفنى. ثم بَيّن أن الذي وعد المؤمنين في الآخرة، خير مما زين للكفار فقال تعالى: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ أي من الذي زين للناس في الدنيا لِلَّذِينَ اتَّقَوْا الشرك والفواحش والكبائر. ويقال للذين اتقوا الزينة، فلا تشغلهم عن طاعة الله عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يعني البساتين تجري من تحت شجرها، ومساكنها الأنهار، فهو خير من الزينة الدنيوية وما فيها.

وروى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَشِبْرٌ فِي الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» . قال: خالِدِينَ فِيها يعني مقيمين فيها أبداً وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ معناه في الخلق والخلق، فأما الخلق فإنهن لا يحضن ولا يتمخطن، ولا يأتين الخلاء، وأما الخُلُق، فإنهن لا يَغِرْن ولا يحسدن، ولا ينظرن إلى غير أزواجهن وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ أي مع هذه النعم لهم رضوان من الله، وهو من أعظم النعم كما قال في آية أخرى وَرِضْوانٌ مِنَ اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>