للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بطن أمه، وذلك قوله مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ الله وَسَيِّداً يعني حكيماً وَحَصُوراً يعني لا يأتي النساء، وهو قول الكلبي. وقال سعيد بن جبير: السيد الذي يملك غضبه، والحصور الذي لا يأتي النساء.

وقال مقاتل: يعني لا ماء له، يعني أن يحيى لم يكن له ماء في الصلب. وقال بعضهم: هذا لا يصح، لأن العنة عيب بالرجال، والنبي لا يكن معيباً، ولكن معناه أنه كان مانعاً نفسه من الشهوات، لأن الذي يمنع نفسه من الشهوات مع قدرته، كانت فضيلته أكثر من الذي لا قدرة له، ثم قال تعالى: وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ يعني أن يحيى كان نبياً من الصالحين، فلما بشره جبريل بذلك قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ قال ذلك على وجه التعجب، لا على وجه الشك، قال لجبريل: رب أي يا سيِّدي من أين يكون لي غلام؟ يعني ولد، وهذا قول الكلبي.

وقال بعضهم قوله رب، يعني قال: يا الله على وجه الدعاء، يا رب من أين يكون لي ولد؟ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ قال القتبي: هذا من المقلوب، يعني بلغت الكبر. وقال الكلبي:

كان يوم بشر ابن تسعين سنة، وامرأته قريبة في السن منه. وقال الضحاك: كان ابن مائة وعشرين سنة، فذلك قوله، وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ أي الهرم وَامْرَأَتِي عاقِرٌ لا تلد قالَ كَذلِكَ قال بعضهم: تم الكلام عند قوله كذلك، يعني هكذا كما قلت: إنه قد بلغك الكبر، وامرأتك عاقر ثم قال تعالى: اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشاءُ وقال بعضهم: معناه. قال: كذلك يعني الله تعالى هكذا قال: إِنَّهُ يكون لك ولد، والله يفعل ما يشاء، إن شاء أعطاك الولد في حال الصغر، وإن شاء في حال الكبر.

[[سورة آل عمران (٣) : آية ٤١]]

قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)

ثم قال تعالى: قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً يعني اجعل لي علامة حين حملت امرأتي أعرف قالَ آيَتُكَ يعني علامة الحبل أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ يعني أنك تصبح، فلا تطيق الكلام ثلاثة أيام إِلَّا رَمْزاً أي كلاماً خَفِيّاً. ويقال: الرمز بالشفتين والحاجبين، والإيماء باليد والرأس.

قال بعضهم: كان منع الكلام عقوبة له، لأنه بُشِّر بالولد، فسأل آية فحبس الله لسانه عن الناس ثلاثة أيام، ولم يحسبه عن ذكر الله، وعن الصلاة. وقال بعضهم: لم يكن عقوبة، ولكن كانت كرامة له، حين جعلت له علامة لظهور الحبل، ومعجزة له. وروى أسباط عن السدي أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>