للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، يعني أن هذه الشجرة شجرة الخلد، فمن أكل منها يبقى في الجنة أبداً.

ويقال: إن حواء قالت لآدم: تعال حتى نأكل من هذه الشجرة فقال آدم: قد نهانا ربنا عن أكل هذه الشجرة فأخذت حواء بيده حتى جاءت به إلى الشجرة، وكان يحب حواء فكره أن يخالفها لحبه إياها وكان آدم يقول لها: لا تفعلي فإني أخاف العقوبة. وكانت حواء تقول، إن رحمة الله واسعة فأخذت من ثمرها وأكلت. ثم قالت لآدم: هل أصابني شيء بأكلها؟ - وإنما لم يصبها شيء بأكلها لأنها كانت تابعة، وآدم متبوعاً فما دام المتبوع على الصلاح يتجاوز عن التابع، فإذا فسد المتبوع فسد التابع- ثم أخذت ثمرة أخرى ودفعتها إلى آدم. فلما أكل آدم لم تصل إلى جوفه حتى أخذتهما الرعدة، وسقط عنهما ما كان عليهما من الحلي والحلل وغيرهما وعريا عن الثياب، حتى بدت عوراتهما فاستحيا وهربا. قال الله تعالى: يا آدم أمني تهرب؟

قال: لا ولكن حياء من ذنبي. فأخذا من أوراق التين، وألصقا على عوراتهما. ثم أمرهما الله تعالى بأن يهبطا منها إلى الأرض، فوقع آدم بأرض الهند، وحواء بجدة. وروي عن ابن عباس أنه قال: إنما سمي الإنسان إنساناً، لأن الله عهد إليه فنسي أي ترك.

وقوله تعالى: وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ أي آدم وحواء وإبليس والحية، فبقي بين إبليس وبين أولاد آدم العداوة إلى يوم القيامة. وكذلك بين الحية وبين أولاد آدم عداوة إلى يوم القيامة. ثم قال: وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ، أي موضع القرار وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ، أي الحياة والعيش إلى الموت.

[[سورة البقرة (٢) : آية ٣٧]]

فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)

قوله تعالى: فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ، قرأ ابن كثير فَتَلَقَّى آدَمُ بنصب آدم ورفع كلمات. وقرأ غيره برفع آدم وكسر كلمات. فأما من قرأ فَتَلَقَّى آدَمُ بالرفع فمعناه أخذ وقيل من ربه. ومن قرأ ينصب آدم. يعني استقبلته كلمات من ربه. يقال: تلقيت فلاناً بمعنى استقبلته. ومعنى ذلك كله: أن الله تعالى ألهمه كلمات، فاعتذر بتلك الكلمات وتضرع إليه، فتاب الله عليه.

وروي عن مجاهد أنه قال: تلك الكلمات هي قوله عز وجل: قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا [الأعراف: ٢٣] الآية. وقال بعضهم: قال: بحق محمد أن تقبل توبتي. قال الله له: ومن أين عرفت محمداً؟ قال: رأيت في كل موضع من الجنة مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك. فتاب الله عليه. وروى الضحاك عن ابن عباس أنه قال:

الكلمات هي قوله سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، رب عملت سوءاً

<<  <  ج: ص:  >  >>