للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

راكِعُونَ

يعني: يتصدقون في حال ركوعهم حيث أشار بخاتمه إلى المسكين حتى نزع من أصبعه، وهو في ركوعه. ويقال: يراد به جميع المسلمين أنهم يصلون ويؤدون الزكاة.

ثم قال: وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا يعني: يجعل الله ناصره ويجالس النبيّ صلّى الله عليه وسلم وأصحابه فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني: جند الله هُمُ الْغالِبُونَ. قال محمد بن إسحاق:

نزلت هذه الآية في «عبادة بن الصامت» ، حين تبرأ من ولاية اليهود يعني: يهود بني فينقاع، وتولى الله ورسوله، فأخبر الله تعالى أن العاقبة لمن يتولى الله ورسوله، فإن الله ينصر أولياءه، ويبطل كيد الكافرين، فذلك قوله تعالى: فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ يعني: هم الظاهرون على أعدائه والعاقبة لهم وقوله تعالى:

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٧ الى ٥٨]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (٥٨)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً يعني: الذين آمنوا بلسانهم، ولم يؤمنوا بقلوبهم. ويقال: أراد به المخلصين نهاهم الله تعالى عن ولاية الكفار.

وروى محمد بن إسحاق بإسناده، عن عبد الله بن عباس قال: كان «رفاعة بن زيد بن تابوت وسويد بن الحارث» قد أظهرا الإسلام، ونافقا، وكان رجال من المسلمين يوادونهما، فأنزل الله تعالى لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ الإسلام هُزُواً وَلَعِباً يعني: سخرية وباطلاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ يعني: مشركي العرب. قرأ أبو عمرو والكسائي وَالْكُفَّارَ بالخفض، وقرأ الباقون بالنصب. فمن قرأ بالخفض فمعناه: من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، ومن الكفار أولياء، ومن قرأ بالنصب، فهو معطوف على قوله: لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ ... وَلاَ تَتَّخِذُوا الْكُفَّارَ أَوْلِياءَ ثم قال: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ يعني: إن كنتم مؤمنين فلا تتخذوا الكفار أولياء. قوله تعالى: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ يعني: إذا أذن المؤذن للصلاة، وإنما أضاف النداء إلى جميع المسلمين، لأن المؤذن يؤذن لهم ويناديهم، فأضاف إليهم فقال: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً يعني: الكفار، إذا سمعوا الأذان استهزءوا به. وإذا رأوهم ركعاً وسجدا ضحكوا واستهزءوا بذلك. ذلِكَ الاستهزاء بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ يعني: لا يعلمون ثوابه. وقال الضحاك: سأل النبيّ صلّى الله عليه وسلم جبريل، وقال: «من أَتَّخِذُه مؤذّناً؟» . قال: يا محمد عليك بالعبد الأسود، فإنه مشهود في الملائكة، وجهير الصوت، وأحبّ المؤذنين إلى الله تعالى. فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً، وعلمه الأذان،

<<  <  ج: ص:  >  >>