للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمره أن يصعد سطح المسجد ويؤذن. فلما أذن سخر منه أهل النفاق، وأهل الشرك، وكذلك يوم فتح مكة. أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يؤذن على ظهر الكعبة، فسخر منه كفار الأعراب، وجهالهم، فنزل قوله تعالى: وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً يعني: المنافقين، واليهود، ومشركي العرب. وروى أسباط عن السدي قال: كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله قال: حرق الله الكاذب. فدخلت خادمته ليلة من الليالي بنار، وهم نيام فسقطت شرارة في البيت فاحترق البيت، واحترق هو وأهله، واستجيب دعاؤه في نفسه. وروي عن ابن عباس هذه الحكاية نحو هذا إلا أنه ذكر اليهودي.

وقوله تعالى:

[سورة المائدة (٥) : الآيات ٥٩ الى ٦١]

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (٦٠) وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (٦١)

قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا يقول: ما تطعنون فينا وتعيبوننا، إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ أي سوى أنا قد آمنا بالله وآمنا ب وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا يعني: من القرآن، وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ القرآن يعني: التوراة والإنجيل، وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ يعني: لم تؤمنوا لفسقكم، وعصيانكم. وقال الزجاج: معنى هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا هل تكرهون منا إلا إيماننا. وبفسقكم إنما كرهتم إيماننا وأنتم تعلمون أنا على الحق، لأنكم فسقتم، ولم تثبتوا على دينكم، لمحبتكم الرئاسة ومحبتكم المال.

وقوله تعالى قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ قال مقاتل: وذلك أن اليهود، قالوا للمؤمنين: ما نعلم أحداً من أهل هذه الأديان أقلّ حظاً في الدنيا ولا فى الآخرة منكم، فنزل قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ يعني: أخبركم بشر من ذلك مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ يعني: ثواباً عند الله فقالت اليهود: من هم؟ قال: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ فقال المسلمون لليهود: يا إخْوَةَ القِرَدَةِ وَالخَنَازِيرِ. فنكسوا رؤوسهم، وخجلوا. ومثوبة صار نصباً للتمييز يعني: التفسير.

ثم قال: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ قرأ حمزة وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ بنصب العين والدال، وضم الباء، وكسر التاء، من الطاغوت، لم يصح في اللغة أن يقال لجماعة: الأعبد. وإنما يقال:

أعبد، ولا يقال: عبد. وقرأ الباقون: وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ يعني: جعل منهم من عبد الطاغوت،

<<  <  ج: ص:  >  >>