للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امْرَأَتَانِ، أَوْ ثَلاثٌ، أَوْ أَرْبَعٌ» قال يا رسول الله فإن نهيتني أن أطلقها، فإن نفسي تحدثني بأن لا أغشاها. قال: «مَهْلاً يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ الرَّجُلَ المُسْلِمَ إِذَا غَشِيَ أَهْلَهُ، أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُهُ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ وَقْعَتِهِ تِلْكَ وَلَدٌ، كَانَ لَهُ وَصِيفاً فِي الجَنَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَقْعَتِهِ تِلْكَ وَلَدٌ، فَمَاتَ قَبْلَهُ كَانَ فَرَطاً وَشَفِيعاً يَوْمَ القِيامَةِ. فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ نُوراً يَوْم القِيَامَةِ» . فقال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني بأن لا آكل اللحم. قال: «مَهْلاً يَا عُثْمَانُ، فَإِنِّي أُحِبُّ اللَّحْمَ، وَآكُلُهُ إِذَا وَجَدْتُهُ، وَلَوْ سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ يُطْعِمَنِيهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ لأَطْعَمَنِيهِ» . قال: يا رسول الله فإن نفسي تحدثني بأن لا أمسّ الطيب. قال: «مَهْلاً يَا عُثْمَانُ، فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَنِي بَالطَّيِّبِ غبّاً غبّاً» . وقال: «لا تَتْرُكْهُ يَا عُثْمَانُ، لا تَرْغَبْ عَنْ سُنَّتِي، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتُوبَ، صَرَفَتِ المَلاَئِكَةُ وَجْهَهُ عَنْ حَوْضِي يَوْمَ القِيَامَةِ» . ونزلت هذه الآية لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ.

وَلا تَعْتَدُوا يقول: يعني: لا تحرموا حلاله، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ. ويقال:

إن محرم ما أحل الله كمُحِلِّ ما حرم الله.

ثم قال: وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً من الطعام والشراب، وَاتَّقُوا اللَّهَ ولا تحرموا ما أحل الله لكم، الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ يعني: إن كنتم مصدقين به، فأحلوا حلاله، وحرموا حرامه. ثم أمرهم الله تعالى بأن يكفروا أيمانهم، لأنه لما حرموا الحلال على أنفسهم، كان ذلك يميناً منهم. ولهذا قال أصحابنا: إذا قال الرجل لشيء حلال: هذا الشيء عليّ حرام يكون ذلك يميناً، فأمرهم الله تعالى بأن يأكلوا، ويحنثوا في أيمانهم، وفي الآية دليل: أن الرجل إذا حلف على شيء، والحنث خير له، ينبغي أن يحنث ويكفر بيمينه. وفيها دليل: أن الكفارة بعد الحنث، لأنه أمرهم بالحنث، بقوله: فكلوا ثم أمرهم بالكفارة وهو قوله تعالى:

لاَّ يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ قال ابن عباس: اللغو أن يحلف الرجل على شيء بالله، وهو يرى أنه صادق، وهو فيه كاذب. وهكذا روي عن أبي هريرة أنه كان يقول: لغو اليمين: أن يحلف الرجل على شيء، يظن أنه الذي حلف عليه هو صادق، فإذا هو غير ذلك.

وقال الحسن: هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه كذلك، وليس هو كذلك. وقال سعيد بن جبير: الرجل يحلف باليمين الذي لا ينبغي أن يحلف بها، يحرم شيئاً هو حلال، فلا يؤاخذه الله بتركه، لكن يؤاخذه الله إن فعل. وقال زيد بن أسلم: هو قول الرجل أعمى الله بصري إن لم أفعل كذا، وأخرجني الله من مالي وولدي، وقالت عائشة: اللغو: هو قول الرجل لا والله، وبلى والله، على شيء لم يعقده قلبه.

ثم قال: وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم في رواية حفص عَقَّدْتُمُ بالتشديد، وقرأ حمزة، والكسائي، وعاصم، في رواية أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>