للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ يعني: القادر الغالب عليهم وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً والحفظة جمع الحافظ، مثل الكتبة والكاتب. يعني به: الملائكة موكلين ببني آدم، ملكين بالليل، وملكين بالنهار، ويكتب أحدهما الخير، والآخر الشر. فإذا مشى يكون أحدهما بين يديه، والآخر خلفه، فإذا جلس يكون أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله. كقوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: ١٧- ١٨] ويقال: لكل إنسان خمسة من الملائكة: اثنان بالليل، واثنان بالنهار، والخامس لا يفارقه لا ليلاً ولا نهاراً.

وقوله تعالى: حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ يعني: حضر أحدكم الوفاة عند انقضاء أجله تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا يعني: ملك الموت وأعوانه وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ يعني: لا يؤخرون طرفة عين. قرأ حمزة توفاه بلفظ التذكير بالإمالة. وقرأ الباقون: تَوَفَّتْهُ بلفظ التأنيث. لأن فعل الجماعة إذا تقدم على الاسم جاز أن يذكر ويؤنث. ويقال: معه سبعون من ملائكة الرحمة وسبعون من ملائكة العذاب، فإذا قبض نفساً مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة فيبشرونها بالثواب، ويصعدون بها إلى السماء. وإذا قبض نفساً كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب، فيبشرونها بالعذاب، ويفزعونها، ثم يصعدون بها إلى السماء، ثم ترد إلى سجّين، وروح المؤمن إلى عليين ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ يعني: يرد أمورهم إلى الله تعالى أَلا لَهُ الْحُكْمُ ألا: كلمة التنبيه ومعناه: اعلموا أن الحكم لله تعالى في خلقه ما يشاء، ويقضي بينهم يوم القيامة وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ يعني: إذا حاسب فحسابه سريع. ويقال: وهو أحكم الحاكمين وأعدل القاضين.

وقوله تعالى:

[سورة الأنعام (٦) : الآيات ٦٣ الى ٦٥]

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣) قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤) قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ (٦٥)

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ يعني: من أهواله وشدائدهِ، والظلمات كناية عن الأهوال والشدائد تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً وقال الكلبي: سراً وعلانية. وقال مقاتل:

يعني. في خفض وسكون. قرأ عاصم في رواية أبي بكر خُفْيَةً بكسر الخاء، والباقون بالضم. وهما لغتان وكلاهما واحد لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ يعني: من غمّ هذه الأهوال والشدائد

<<  <  ج: ص:  >  >>