للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطَّيِّبِ من العمل، وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً يعني يجمعه وهذا قول الكلبي، وقال مقاتل: ليميز الله الكافرين من المؤمنين، ويجعل في الآخرة الخبيثة أنفسهم ونفقاتهم وأنفسهم، فيركم بعضه على بعض جميعا، فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ويقال: لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ بين نفقة المؤمنين ونفقة المشركين، فيقبل نفقة المؤمنين ويثيبهم على ذلك، ويجعل نفقة الكفار وبالاً عليهم، ويجعل ذلك سبباً لعقوبتهم، فتكوى بها جباههم. وقال القتبي: فَيَرْكُمَهُ أي: يجعله ركاماً بعضه على بعض.

ثم قال: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، يعني: المغبونين في العقوبة. قرأ حمزة والكسائي لِيَمِيزَ اللَّهُ بضم الياء مع التشديد، والباقون لِيَمِيزَ بالنصب مع التخفيف، ومعناهما واحد:

مَازَ يُميِزُ وَمَيَّزَ يُمَيِّزُ.

قوله تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا، يعني أبا سفيان وأصحابه، وما كان في مثل حالهم إلى يوم القيامة: إِنْ يَنْتَهُوا أي: عن الشرك وعن قتال محمد، وعن المؤمنين، يُغْفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ يعني: يتجاوز عنهم ما سلف من ذنوبهم وشركهم. وَإِنْ يَعُودُوا إلى قتال محمد صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه، فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ بنصرة أوليائه وقهر أعدائه. ويقال: يعني، القتل يحذرهم بالعقوبة لكيلا يعودوا فيصيبهم مثل ما أصابهم وقال الكلبي: فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ أن ينصر الله أنبيائه ومن آمن معهم، كقوله: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَالَّذِينَ آمَنُوا [غافر: ٥١] .

[سورة الأنفال (٨) : الآيات ٣٩ الى ٤٠]

وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٣٩) وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (٤٠)

ثم حث المؤمنين على قتال الكفار فقال تعالى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ، يعني:

لا يكون الشرك بمكة، ويقال: حتى لا يتخذوا شركاء ويوحدوا ربهم، وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ يعني: يظهر دين الإسلام ولا يكون دين غير دين الإسلام. فَإِنِ انْتَهَوْا عن الشرك وعن عبادة الأوثان وقتال المسلمين، فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ فيثيبكم بأعمالكم. وَإِنْ تَوَلَّوْا، يعني: أبوا وأعرضوا عن الإيمان، يا معشر المؤمنين، فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلاكُمْ يعني:

حافظكم وناصركم.

ثم قال: نِعْمَ الْمَوْلى وَنِعْمَ النَّصِيرُ، نِعْمَ الْمَوْلى يعني: الحفيظ ونِعْمَ النَّصِيرُ يعني: المانع.

[[سورة الأنفال (٨) : آية ٤١]]

وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٤١)

<<  <  ج: ص:  >  >>