للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون: ٦] وما سوى ذلك من الآيات التي نحو هذا صارت كلها منسوخة بهذه الآية.

قوله تعالى: وَخُذُوهُمْ، يعني: ائسروهم وشدوهم بالوثاق، وَاحْصُرُوهُمْ يعني:

إن لم تظفروا بهم، فاحصروهم في الحصن والحصار. قال الكلبي: يعني: واحبسوهم عن البيت الحرام أن يدخلوه. وقال مقاتل: وَاحْصُرُوهُمْ يعني: التمسوهم، وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ يعني: ارصدوا لهم بكل طريق. وقال الأخفش: يعني: اقعدوا لهم على كل مرصد.

وكلمة «على» محذوفة من الكلام، ومعناه: واقعدوا لهم على كل طريق يأخذون فيه. فَإِنْ تابُوا من الشرك وَأَقامُوا الصَّلاةَ، يعني: وأقرّوا بالصلاة. وَآتَوُا الزَّكاةَ، يعني: وأقروا بالزكاة المفروضة. فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، يعني: اتركوهم ولا تقتلوهم. إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يعني: غَفُورٌ لما كان من الذنوب في الشرك، رَحِيمٌ بهم بعد الإسلام.

فقال رجل من المشركين: يا عليّ، إن أراد رجل منا بعد انقضاء الأجل أن يأتي محمدا ويسمع كلامه، أو يأتيه لحاجة، أيقتل؟ فقال عليّ: «لا» .

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦ الى ٧]

وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْلَمُونَ (٦) كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧)

قال الله تعالى: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ، يعني: استأمنك. ويقال: فيه تقديم، ومعناه: وإن استجارك أحد من المشركين، يقول: وإن طلب أحد من المشركين منك الأمان، فَأَجِرْهُ، يقول: فأمنه، حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ يعني: اعرض عليه القرآن حتى يسمع قراءتك بكلام الله، فإن أبى أن يسلم ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ يقول: فرده إلى مأمنه من حيث أتاك. ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ، يعني: أمرتك بذلك، لأنهم قوم لا يعلمون حكم الله تعالى. وفي الآية دليل: أن حربياً لو دخل دار الإسلام على وجه الأمان، يكون آمناً ما لم يرجع إلى مأمنه.

ثم قال على وجه التعجب: كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ ويقال:

على وجه التوبيخ، يعني: لا يكون لهم عهد عند الله ولا عند رسوله، ثم استثنى فقال: إِلَّا الَّذِينَ عاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، يعني: بني كنانة وبني ضمرة، وهم لم ينقضوا العهد، فأمر الله تعالى بإتمام عهدهم. ويقال: هم بنو خزاعة، وبنو مدلج، وبنو خزيمة. فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ على وفاء العهد، فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ بالوفاء على التمام. إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ الذين يتقون ربهم ويمتنعون عن نقض العهد.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٨ الى ١٠]

كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فاسِقُونَ (٨) اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ ساءَ مَا كانُوا يَعْمَلُونَ (٩) لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلا ذِمَّةً وَأُولئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (١٠)

<<  <  ج: ص:  >  >>