للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو المؤمن المخلص، نُعَذِّبْ طائِفَةً يعني: المنافقين، وقال القتبي: قد يذكر الجماعة ويراد به الواحد كقوله إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ وإنما كان رجلا واحدا وكقوله: يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وأراد به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم. ويقال: إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ وهم المخلصون نُعَذِّبْ طائِفَةً وهم المنافقون بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ يعني: مذنبين كافرين في السر. قرأ عاصم إِنْ نَعْفُ بالنون نُعَذِّبْ بالنون وكسر الذال طائِفَةٍ بالنصب، وقرأ الباقون إن يعف بالياء والضم تُعَذِّبَ التاء ونصب الذال طائِفَةٍ بالضم على معنى فعل ما لم يسم فاعله.

[سورة التوبة (٩) : الآيات ٦٧ الى ٦٩]

الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٦٧) وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (٦٨) كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٩)

قوله تعالى: الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ، يعني: المنافقين من الرجال والمنافقات من النساء. بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يعني: بعضهم على دين بعض في السر. يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ، يعني: بالتكذيب بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبالشرك، وبما لا يرضي الله تعالى، ويقال: المنكر ما يخالف الكتاب والسنة. وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ، يعني: عن التوحيد واتباع محمد صلّى الله عليه وسلّم. وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ، يعني: يمسكون أيديهم عن النفقة في سبيل الله ويقال: كفوا عن الحق. نَسُوا اللَّهَ، يقول: تركوا طاعة الله. فَنَسِيَهُمْ، يعني: تركهم في النار، ويقال: تركهم في الحرمان والخذلان، كقوله تعالى: وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ [الأعراف: ١٨٦] . إِنَّ الْمُنافِقِينَ هُمُ الْفاسِقُونَ، يعني: الخارجين عن طاعة الله تعالى، وكل منافق فاسق، وقد يكون فاسقاً ولا يكون منافقاً، ولا يكون منافقاً إلا وهو فاسق.

ثم قال: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ، الوعد يكون بالخير، ويكون بالشر إذا قيد به، والوعيد لا يكون إلاّ بالشر، فقال: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ، يعني: المنافقين الذين كانوا بالمدينة ومن كان على مذهبهم ويكون إلى يوم القيامة وَالْكُفَّارَ وهم أهل مكة ومن كان بمثل حالهم.

نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ، يعني: تكفيهم النار جزاءً لكفرهم، وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ يعني: طردهم الله من رحمته. وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ، يعني: دائم.

قوله: كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ، يعني: صنيعكم مع نبيكم، كما صنع الأمم الخالية مع

<<  <  ج: ص:  >  >>