للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ، ثم أوقد عليها ألف سنة حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِي سَوْدَاءُ كَاللَّيْلِ المُظْلِمِ» «١» قرأ ابن كثير والكسائي قِطَعاً بجزم الطاء، وهو اسم ما قطع منه، يعني: طائفة من الليل، قرأ الباقون قِطَعاً بنصب الطاء يعني: جمع قطعة. وإنما أراد به سواد الليل مُظْلِماً صار نصباً للحال، أي: في حالة الظلام. أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ، أي مقيمون.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ مَّا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ (٢٨) فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ (٢٩) هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)

قوله تعالى: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً، هذا كله في يوم نجمعهم جميعاً، يعني: الكفار وآلهتهم. ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ، يعني: قفوا أنتم وآلهتكم ويقال:

الرؤساء والأتباع فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ، يعني: ميزنا وفرقنا بين المشركين وبين آلهتهم، وأصله في اللغة: من زال يزول، وأزلته وزيلته بمعنى واحد، ويقال: فرقنا ما بينهم من التواصل والألفة، يعني: بين الرؤساء والأتباع، ويقال: يأمر الله تعالى أن تلحق كل أمة بما كَانُواْ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله، فيفرّق بين أهل الملل، فذلك قوله فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ يعني: بين أهل الشرك وأهل الإسلام.

ثم قال للمشركين: ماذا كنتم تعبدون؟ فينكرون ويحلفون، ثم يقرون بعد ما يختم على أفواههم وتشد أعضاؤهم أنهم كان يعبدون الأصنام. وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ، يعني: آلهتهم لمن عبدها: مَّا كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ في الدنيا بأمرنا ولا نعلم بعبادتكم إيانا، ولم تكن فينا روح فنعقل عبادتكم إيانا، فيقول من عبدها: قد عبدناكم وأمرتمونا فأطعناكم، فقالت الآلهة: فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً يعني: عالماً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ، يعني: ولم نعلم أنكم تعبدوننا، والفائدة في إحضار الأصنام: أن يظهر عند المشركين ضعف معبودهم، فيزيدهم حسرة على ذلك.

ثم قال تعالى: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ، قرأ حمزة والكسائي تتلوا كل نفس بالتاءين، يعني: عند ذلك تقرّ كل نفس برة أو فاجرة مَّا أَسْلَفَتْ، يعني: ما عملت من خير أو شر.

وهذا قوله: يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء: ٧١] ويقال: تتلو يعني: تتبع، كقوله تعالى: وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها [الشمس: ٢] يعني: يتبعها، وقرأ الباقون تَبْلُوا بالتاء والباء، يعني:

عند ذلك تجد، ويقال: تظهر، كقوله يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ [الطارق: ٩] وقال القتبي: أي يختبر.

ثم قال: وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ، يعني: رجعوا في الآخرة إلى الله مولاهم


(١) حديث أبي هريرة: أخرجه الترمذي (٢٥٩١) وقال: موقوف أصح ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير عن شريك. وأخرجه ابن ماجة (٤٣٢٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>