للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في آية أخرى: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. فِي الْآخِرَةِ

تبشّرهم الملائكة حين يخرجون من قبورهم. تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ

: يقول: لا تغيير ولا تحويل لقول الله، لأنَّ قوله حقٌّ بأنّ هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا.

ويقال: تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ

، يعني: لا خلف لمواعيده التي وعد في القرآن. لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ

يعني: الثَّواب الوافر. ويقال: النجاة الوافرة.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٥ الى ٦٦]

وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٦٥) أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ (٦٦)

قوله تعالى: وَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ يقول: يا مُحَمَّدُ لا يحزنك تكذيبهم: إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً، يعني: بأنّ النِّعمة والقدرة لله تعالى، وجميع مَنْ يتعزَّزُ إنَّما هو بإذن الله تعالى. هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ: يعني: السَّمِيعُ لمقالتهم، الْعَلِيمُ بهم وبعقوبتهم على ترك توحيدهم.

ثم قال: أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ يعني: من الخلق، كلهم عبيده وإماؤه. وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ يعني: وما يعبد الذين يعبدون من دون الله الأوثان والأصنام. ولم يأت بجوابه، وجوابه مضمر، ومعناه: وما هم لي شركاء، ولا نفع لهم في عبادتهم، إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ يقول: ما يعبدون الأصنام إلاّ بالظن، وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ يقول: وما هم إلاّ يكذبون. يقول: ما أمرهم الله تعالى بعبادتها، ولا تكون لهم شفاعة.

[سورة يونس (١٠) : الآيات ٦٧ الى ٦٨]

هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٧) قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ (٦٨)

ثمّ دلَّ بصنعه على وحدانيته، فقال تعالى: هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ يعني: خلق لكم اللَّيل لَتَقَرُّوا فيه من النَّصَبِ والتَّعَبِ، وَالنَّهارَ مُبْصِراً يعني: خلق النَّهار مطلباً للمعيشة. إِنَّ فِي ذلِكَ يعني: في تقلب اللَّيل والنَّهار لَآياتٍ يعني: لَعِبْرَاتٍ وَعَلاَمَاتٍ لوحدانيَّةِ الله، لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ يعني: المواعظ.

ثم رجع إلى ذِكْرِ كُفَّار مَكَّةَ فقال تعالى: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً، حين قالوا: الملائكة بنات الله تعالى، سُبْحانَهُ نزه نفسه عن الولد، فقال: هُوَ الْغَنِيُّ عن الولد، لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ من الخلق، كلهم عبيده وإماءه إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا يعني:

ما عندكم من حُجَّة بهذا القول، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ بغير حجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>