للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ قال ابن عباس: قال الله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فهذا إيمان منهم. ثم هم يشركون» . وقال القتبي وهم في غيره مشركون، قد يكون في معان، فمن الإيمان تصديق ببعض، وتكذيب ببعض. قال الله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ [يوسف: ١٠٦] يعني: مقرون أن الله خالقهم، وهم مع ذلك يجعلون لله شريكاً. وقال الضحاك: كانوا مشركين في تلبيتهم. وقال عكرمة: يعلمون أنه ربهم، وهم مشركون به من دونه.

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٠٧ الى ١٠٨]

أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٠٧) قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)

ثم قال تعالى: أَفَأَمِنُوا يعني: أهل مكة أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ يعني: يغشاهم العذاب، ويقال: غاشية قطعة مِنْ عَذابِ اللَّهِ في الدنيا أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً يعني: فجأة وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ بقيامها قُلْ يا محمد هذِهِ سَبِيلِي يعني: ديني الإسلام، ويقال: هذه دعوتي أَدْعُوا الخلق إِلَى اللَّهِ تعالى. ويقال: أدعوكم إلى توحيد الله وعبادته عَلى بَصِيرَةٍ أي:

على يقين وحقيقة. ويقال: على بيان أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي يعني: من اتبعني على ديني، فهو أيضاً على بصيرة وَسُبْحانَ اللَّهِ تنزيهاً له عن الشرك وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ على دينهم.

[سورة يوسف (١٢) : الآيات ١٠٩ الى ١١٠]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٠٩) حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جاءَهُمْ نَصْرُنا فَنُجِّيَ مَنْ نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (١١٠)

قوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ يعني: الأنبياء كانوا من الآدميين، ولم يكونوا من الملائكة. قرأ عاصم في رواية حفص: نُوحِي إِلَيْهِمْ بالنون. وقرأ الباقون بالياء يُوحَى إِلَيْهِمْ، ومعناهما واحد مِنْ أَهْلِ الْقُرى يعني: منسوبين إليها. ثم أمرهم بأن يعتبروا، فقال تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا يعني: يسافروا فِي الْأَرْضِ ويقال: يقرءوا القرآن فَيَنْظُرُوا يعني: يعتبروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يعني: كيف كان آخر المنذرين من قبلهم من الأمم الخالية وَلَدارُ الْآخِرَةِ وهي الجنة خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا

الشرك أَفَلا تَعْقِلُونَ أن الآخرة أفضل من الدنيا.

ثم رجع إلى حديث الرسل الذين كذبهم قومهم، فقال تعالى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ يعني: أيسوا من إيمان قومهم أن يؤمنوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا قرأ أهل الكوفة: عاصم وحمزة والكسائي كُذِبُوا بتخفيف الذال. وقرأ الباقون: بالتشديد. وروى الأعمش، عن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>