للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشمس وذهب الضباب، استبان لهم ذلك، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن ذلك فنزلت هذه الآية وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، يعني أينما تولوا وجوهكم في الصلاة فثم وجه الله قال بعضهم: فثم قبلة الله. ويقال يعني: فثم رضا الله.

ويقال: فثم ملك الله. وروى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن قوماً خرجوا إلى السفر وذكر القصة نحو هذا.

وقال بعضهم: المراد به الصلاة على الدابة. قال الفقيه: حدثنا محمد بن سعيد المروزي قال: حدثنا أبو جعفر الطحاوي قال: حدّثنا علي بن شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال:

حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته التطوع، حيث ما توجهت به وهو جاءٍ من مكة، ثم قرأ ابن عمر: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ. قال ابن عمر: في هذا نزلت هذه الآية.

وقال بعضهم: لنزول هذه الآية سبب آخر، وذلك أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم كان يصلي إلى بيت المقدس، فَلَمَّا أمر بالتحول إلى الكعبة، قالت اليهود: مرة تصلون هكذا، ومرة تصلون هكذا، فنزلت هذه الآية: وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ثم قال: إِنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ، أي الواسع الجواد المحسن الذي يقبل اليسير، ويعطي الجزيل عليم بصلواتكم.

ويقال: الواسع الغني عن صلاة الخلق وإنما يطلب منهم النية الخالصة ويقال: واسع يعني يوسع عليكم أمر الشرائع، ولم يضيق عليكم الأمر. ويقال: واسع، يعني واسع الفضل. وقال الزجاج: معنى قوله: فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ، أي اقصدوا وجه الله بنيتكم القبلة، كقوله: وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة: ١٤٤ و ١٥٠] .

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١١٦ الى ١١٧]

وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (١١٦) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (١١٧)

قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً، قرأ ابن عامر ومن تابعه من أهل الشام قالُوا بغير واو. وقرأ الباقون بالواو، ومعناهما واحد إلا أن الواو للعطف وذلك أن اليهود قالوا: عزير ابن الله، وقالت النصارى: المسيح ابن الله، وقال بعض المشركين: الملائكة بنات الله. قال الله تعالى: سُبْحانَهُ، نزه نفسه عن الولد. بَلْ لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كلهم عبيده كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ، يعني به المؤمنين خاصة، أي مطيعين مقرين بالعبودية له موحدين مجيبين للطاعة.

وقد قيل: إن لفظ الآية عام والمراد به الخاص. قوله تعالى: كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ يعني به المؤمنين خاصة. ويقال معناه: أثر صنعه وشواهد توحيده ودلائل ربوبيته في جميع ما في

<<  <  ج: ص:  >  >>