للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصفونه في كتبهم حق صفته لمن سألهم. قال مجاهد: يتبعونه حق اتباعه. وقال قتادة: ذكر لنا أن ابن مسعود قال: والله إن حق تلاوته أن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويقرأ حق قراءته كما أنزل الله تعالى، ولا يحرَّف عن مواضعه. ويقال: يقرءونه حق قراءته. أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ، أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ويصدقونه. وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ، أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ويقال: بالقرآن، فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، وهو كعب بن الأشرف وأصحابه. ويقال: نزلت هذه الآية في مؤمني أهل الكتاب، وهم اثنان وثلاثون رجلاً قدموا مع جعفر بن أبي طالب من أرض الحبشة، وكانوا يتبعون القرآن حق اتباعه.

[سورة البقرة (٢) : الآيات ١٢٢ الى ١٢٣]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (١٢٢) وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (١٢٣)

قوله تعالى: يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ وَاتَّقُوا يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ قد ذكرناها من قبل.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٢٤]]

وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لاَ يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (١٢٤)

قوله تعالى: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ، قرأ ابن عامر أبرَاهَامَ، وروي عنه أنه قرأ أَبْرَهَمَ وهي لغة بعض العرب، وقرأ غيره إِبْراهِيمَ في جميع القرآن. وهي اللغة المعروفة وهو اسم أعجمي ولهذا لا ينصرف. وروي عن ابن عباس أنه قال: أمر الله تعالى إبراهيم بعشر خصال من السنن خمس في الرأس، وخمس في الجسد، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا. حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن الفضل البلخي قال: حدثنا أبو بشر محمود بن مهدي، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن الحجاج بن أرطأة، عن عطاء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عَشْرٌ مِمَّا عَلِمَهُنَّ وَعَمِلَ بِهِنَّ أَبُوكُمْ إبْرَاهِيمُ- عليه السلام- خَمْسٌ فِي الرَّأْسِ، وَخَمْسٌ فِي الجَسَدِ فَأَمَّا الَّتِي فِي الرَّأْسِ: فَالسِّوَاكُ وَالمَضْمَضَةُ وَالاسْتِنْشَاقُ وَقَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَأَمَّا الَّتِي في الجَسَدِ فَالخِتَانُ وَالاسْتِحْدَادُ وَالاسْتِنْجَاءُ وَنَتْفُ الإِبْطِ وَقَصُّ الأَظْفَارِ» ويقال: وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ، أي اختبره. والاختبار من الله تعالى أن يظهر حاله ليستوجب الثواب، لأن الله تعالى لا يعطي الثواب والعقاب بما يعلم ما لم يظهر منه ما يستوجب الثواب والعقاب، كما علم من إبليس الكفر، ولم يلعنه ما لم يختبره ويظهر منه ما يستوجب به اللعنة والعقوبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>