للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥١ الى ٥٦]

وَقالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (٥٢) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (٥٤) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (٥٥)

وَيَجْعَلُونَ لِما لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِمَّا رَزَقْناهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (٥٦)

قوله عز وجل: وَقالَ اللَّهُ لاَ تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ أي: لا تقولوا ولا تصفوا إلهين اثنين، أي: نفسه والأصنام. ويقال: نزلت الآية في صنف من المجوس وصفوا إلهين اثنين.

قال الله تعالى: إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ أي: فاخشوني ووحدوني وأطيعوني، ولا تعبدوا غيري وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ من الملائكة وَالْأَرْضِ من الخلق: الجن والإنس، كلهم عبيده وإماؤه وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أي: دائماً خالصاً. ويقال: الألوهية والربوبية له خالصا.

ويقال: دينه واجبا أبداً لا يجوز لأحد أن يميل عنه. ويقال: معناه، وله الدين والطاعة، رضي العبد بما يؤمر به أو لم يرض، والوصب في اللغة: الشدة والتعب. أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ أي:

تعبدون غيره.

قوله عز وجل: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ يعني: إن الذي بكم من الغنى، وصحة الجسم، من قبل الله تعالى ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ أي: الفقر والبلاء في جسدكم. فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ يعني: إليه تتضرعون ليكشف الضر عنكم، كما قال في سورة الدخان رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ [الدخان: ١٢] ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ أي: الكفار بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ أي: الكفار يعبدون غيره. لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ أي: يجحدوا بما أعطيناهم من النعمة فَتَمَتَّعُوا بقية آجالكم فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ أي: تعرفون في الآخرة ماذا نفعل بكم.

ثم قال: وَيَجْعَلُونَ لِما لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً أي: يجعلون لآلهتهم نصيباً من الحرث والأنعام، كقوله: فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا [الأنعام: ١٣٦] وقوله: لِما لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً [النحل: ٥٦] قال بعضهم: يعني: الكفار جعلوا لأصنامهم نصيباً ولا يعلمون منهم ضراً ولا نفعا. وبعضهم قالوا: معناه يجعلون للأصنام الذين لا يعلمون شيئاً نصيباً، أي: حظاً مِمَّا رَزَقْناهُمْ من الحرث والأنعام. قال تعالى: تَاللَّهِ أي: والله لَتُسْئَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ أي: تكذبون على الله، لأنهم كانوا يقولون إن الله أمرنا بهذا.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٥٧ الى ٥٩]

وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ (٥٧) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (٥٨) يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ أَلا ساءَ مَا يَحْكُمُونَ (٥٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>