للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: «سأل أهل مكة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن يجعل الصفا لهم ذهباً، وأن ينحي الجبال عنهم فيزرعونها، فقيل له: إن شئت أن تستأني بهم لعلنا نتخير منهم وإن شئت أن نريهم الذي سألوا، فإن كفروا أهلكوا كما هلك من كان قبلهم. فقال: «بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ» ، فنزل وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ.

ثم قال: وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً، أي معاينة يبصرونها، ويقال: علامة لنبوته.

فَظَلَمُوا بِها، أي جحدوا بها فعقروها، فعذبوا. فقال الله تعالى: وَما نُرْسِلُ بِالْآياتِ إِلَّا تَخْوِيفاً لهم ليؤمنوا، فإِن أَبَوا أتاهم العذاب.

قوله عز وجل: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ قال الكلبي: أحاط علمه بالناس، ويقال: هم في قبضته، أي قادر عليهم وقال قتادة: يعني: يمنعك من الناس حتى تبلغ رسالات الله وقال السدي: معناه إن ربك مظهرك على الناس.

قال عز وجل: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال: حدّثنا الخليل بن أحمد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد الدبيلي قال: حدّثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال في قوله: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ قال:

«هي رؤيا عين أريها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة أسري به» . وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ أي: ذكر الشجرة الملعونة في القرآن فتنة لهم، يعني: بلية لهم. وذلك أن المشركين قالوا: يخبرنا هذا أن في النار شجرة والنّار تأكل الشجرة. فصار ذلك فتنة لهم، يعني: بلية لهم.

ويقال: لما نزل إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ قالوا: هي التّمر والزبد. فرجع أبو جهل إلى منزله، فقال لجاريته: زقمينا، وأمرها أن تأتي بالتمر والزبد، فخرج به إلى الناس وقال:

كلوا فإِن محمداً يخوفكم بهذا، فصار ذكر الشجرة فتنة لهم، ثم يخوّفهم: بذكر شجرة الزقوم فذلك قوله: وَنُخَوِّفُهُمْ فَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً، يعني: تمادياً في المعصية. قال الكلبي: قوله وَالشَّجَرَةَ قال: هي شجرة الزقوم. ثم قال: هي ليلة أسري به صلّى الله عليه وسلّم مِّنَ المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وهو بيت المقدس، فنشر له الأنبياء كلهم، فصلى بهم، ثم صلى الغداة بمكة فكذبوه، فذلك قوله: فِتْنَةً لِلنَّاسِ حين كذبه أهل مكة. وقال عكرمة: أمَا إنَّهَا رؤيا عين يقظة ليست برؤيا منام. وقال سعيد بن المسيب: أري النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بني أمية على المنابر فساءه ذلك، فقيل له: إنّما هي دنيا يعطونها فقرَّت عينه فنزل: وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ يعني: بني أمية.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ٦١]]

وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً (٦١)

ثم قال تعالى: وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً فتعظم عن السجود لآدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>