للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليهم من يطلبهم من آبائهم. فأَرسل إليهم فهربوا، فقالت آباؤهم: والله لقد خرجوا من عندنا بالأمس، فما ندري أَين هم. فمروا بغلام راعٍ ومعه كلب له، فدعوه إلى أمرهم فأعجبه ذلك، فتابعهم عليه. فمضى معهم واتبعه كلبه، حتى أَتوا غاراً، أي: كهفاً فدخلوا فيه. ثم أرسلوا بعضهم إلى السوق، ليشتري لهم طعاماً من السوق، فركب الملك والناس معه في طلبهم وهم يسألون عنهم. فسمع رسولهم بذلك، فعجَّل أن يشتري لهم كل الذي أرادوا. فاشترى بعضه، وأتاهم فأخبرهم أن الملك والناس في طلبهم، فأكلوا ما أتاهم به ولم يشبعوا. ثم ناموا على وجوههم، فضرب الله على آذانهم بالنوم سنين عدداً.

وسار الملك والناس معه، حتى انتهوا إلى باب الكهف، فوجدوا آثارهم داخلين ولم يجدوا آثارهم خارجين. فدخلوا الكهف، فأعمى الله عليهم، فطلبوهم فلم يجدوا شيئاً. فقال الملك: سدوا عليهم باب الكهف حتى يموتوا فيه، فيكون قبرهم إن كانوا فيه، ثم انصرف الملك والناس معه. فعمد رجلان مسلمان يكتمان إيمانهما إلى لوح من رصاص، فكتبا فيه أسماء الفتية وأسماء آبائهم ومدينتهم، وأنهم خرجوا فراراً من دقيانوس الملك الكافر. فمن ظهر عليهم، يعلم بأنهم مسلمون، وأَلْزَقَاهُ في السد من داخل الكهف» .

وقال في رواية السدي، في قصة أصحاب الكهف: «كان في المدينة فتية ليس منهم أحد يعرف صاحبه، فخرج ملكهم مخرجاً له وخرج الفتية ومنهم واحد له كلب، وليس منهم أحد إلا وهو يقول في نفسه: إن رأيت أحداً استضعفت، دعوته إلى الإيمان بالله. فلما رجع الناس، تخلف الفتية فاجتمعوا على باب المدينة، وقد أغلق الباب دونهم، فطلبوا أن يدخلوا فلم يفتح لهم. فقال بعضهم: إني أسر إليكم أمراً، فإن تابعتموني عليه رشدتم. فقص عليهم أمره، فقالوا جميعاً: نحن على هذا فذلك. قوله عز وجل: إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية، فصاروا إلى الكهف فدخلوه ورقدوا فيه، ورقد الكلب بفناء الكهف، فضرب الله على آذانهم بالنوم. فلما فقدهم أهلوهم، انطلقوا إلى الملك فأخبروه، فدعا بصخرة، فكتب فيها أسماءهم وكتب فيها أنهم هلكوا في زمن كذا، ثم ضربها في سور المدينة على الباب، وهو الرقيم.

وفي رواية وهب بن منبه قال: «جاء حواريّ من حواريي عيسى ابن مريم عليهما السلام إلى مدينة أَصحاب الكهف، فأَراد أن يدخلها فقيل له: إن على بابها صنماً لا يدخلها أحد إِلاَّ سجد له. فكره أن يدخلها، وأتى حماماً كان قريباً من تلك المدينة، فكان يعمل فيه يعني: أنه أجّرَ نفسه من صاحب الحمام، فرأى صاحب الحمام في حمامه البركة، ودر عليه الرزق، واجتمع إليه فتية من أهل المدينة، فكان يخبرهم بخبر السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه. وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة، فكانوا في ذلك حتى جاء ابن الملك بامرأة، فدخل بها الحمام، فماتا في الحمام جميعاً. فأتي الملك، فقيل له: صاحب الحمام قتل ابنك:

<<  <  ج: ص:  >  >>