للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأكلون رطبنا، ويحملون يابسنا، ويقتلون أولادنا. وكان يأجوج رجلاً ومأجوج رجلاً، وكانا أخوين من بني يافث بن نوح، فكثر نسلهما فنسب إليهما. ويقال: سمي يأجوج ومأجوج لكثرتهم وازدحامهم، لأنهم يموجون بعضهم في بعض. فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً قرأ عاصم:

يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ بهمز الألف، وقرأ الباقون بغير همز، وقرأ حمزة والكسائي خَرَاجاً بالألف وقرأ الباقون خَرْجاً بغير ألف، ويقال: الخراج هو الضريبة، والخرج هو الجعل، ويقال: أحدهما اسم والآخر مصدر. عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا، أي حاجزاً.

ف قالَ ذو القرنين: مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ قرأ ابن كثير مَا مكّنني بنونين وهو الأصل في اللغة، وقرأ الباقون مَكَّنِّي فأدغم إحدى النونين في الأخرى وأقيم التشديد مقامه، أي ما ملَّكني وأعطاني فيه ربي من القوة والمال خير من جعلكم، ويقال: ما يعطيني الله تعالى في الآخرة من الثواب خير من جعلكم في الدنيا. فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ قالوا: وما تريد؟ قال: آلة العمل وهي آلة الحدادين. أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً. قالوا: وما هي؟ قال: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ، أي قطع الحديد أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً قرأ عاصم في إحدى الروايتين ائتوني على معنى جيئوني، وقرأ الباقون آتُونِي بمد الألف أي أعطوني. فأتوه بقطع الحديد فبناه.

حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قرأ ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر الصَّدَفَيْنِ بضم الصاد والدال، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر الصَّدَفَيْنِ بضم الصاد وجزم الدال، وقرأ الباقون بنصب الصاد والدال، وهما ناحيتا الجبل. فأخذ قطع الحديد وجعل بينهما حطباً وفحماً، ووضع المنافخ وقال: انفخوا. فنفخوه حتى صار كهيئة النار. ثم أتى بالصفر ويقال: بالنحاس، فأذابه وأفرغ عليه حتى صار جبلاً من حديد ونحاس، فذلك قوله حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ أي بين الجبلين. قالَ انْفُخُوا، فنفخوا. حَتَّى إِذا جَعَلَهُ نَاراً، أي صيَّر الحديد ناراً، قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً، وهو الصفر المذاب أصبُبْ عليه. قرأ عاصم في رواية أبي بكر وحمزة قالَ ائْتُونِي بجزم الألف والباقون بالمد فَمَا اسْطاعُوا، أي فما قدروا أَنْ يَظْهَرُوهُ، يعني: أن يعلوا فوق السد. وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً، أي ما قدروا على نقب السد.

ويقال: مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً أي ما تحت السد في الأرض، لأنه بناه في الأرض إلى السماء.

قال الفقيه رضي الله عنه: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا أبو بكر الواسطي قال:

حدّثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبو حفص، عن سعيد، عن قتادة، عن أبي رافع، عن أبي هريرة رضي الله عنه إن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: قال: «إنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ يَحْفِرُونَ الرَّدْمَ فِي كُلِّ يَوْمٍ، حَتَّى إذا كَادُوا يَرَوْنَ شُعَاعَ الشَّمْس، قَالَ الذين عليهم: ارجعوا فسنحفره غَداً، فَيُعِيدُهُ الله كَمَا كَانَ.

حَتَّى إذا بَلَغَتْ مُدَّتُهُمْ، قَالَ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ ارْجِعُوا فَسَنَحْفِرُه غَداً إنْ شَاءَ الله تَعَالَى. فَيَعُودُونَ إلَيْهِ، فَإذا هُوَ كَهَيْئَتِهِ حِينَ تَرَكُوهُ، فَيَحْفِرُونَهُ وَيَخْرُجُونَ عَلَى النَّاسِ فَيَسْتَقُونَ المِيَاهَ وَتُحَصَّنُ النَّاسُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>