للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدنيا والآخرة، كما أن إبراهيم عليه السلام هاجر من قومه في طلب رضى الله تعالى عنه، فأكرمه الله تعالى بإسحاق ويعقوب عليهما السلام والثناء العمل الصالح.

ثم قال تعالى: وَكُلًّا جَعَلْنا نَبِيًّا، يعني: إبراهيم وإسحاق ويعقوب عليهم السلام أكرمناهم بالنبوة، وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا يعني: من نعمتنا المال والولد في الدنيا، كما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «نِعْمَ المالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِح» . وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا، يعني:

أكرمناهم بالثناء الحسن، وكل أهل دين يتولّون دين إبراهيم عليه السلام بزعمهم.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥١ الى ٥٣]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥١) وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا (٥٣)

قوله عز وجل: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مُوسى إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً، يعني: أخلصه الله عَزَّ وَجَلَّ، ويقال: مُخْلَصاً يعني: جعله الله مختاراً خالصاً. قرأ حمزة والكسائي وعاصم بنصب اللام يعني: أخلصه الله عَزَّ وَجَلَّ ويقال: معصوما من الكفر والمعاصي. وقرأ الباقون مُخْلَصاً بالكسر يعني: مخلصاً في العمل. وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا إلى بني إسرائيل، وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ، يعني: من يمين موسى عليه السلام ولم يكن للجبل يمين ولا شمال وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا، أي كلمناه بلا وحي. وقال الكلبي: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا يعني: وقربناه حتى سمع صرير القلم في اللوح، وقال السدي: أدخل في السماء الدنيا وكلم، وقال الزجاج: وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا مناجيا حتى سمع.

ثم قال عز وجل: وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أي: من نعمتنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا، فكان هارون عليه السلام معه وزيرا نبيا معينا.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٤ الى ٥٥]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا (٥٤) وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)

قوله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ، يعني: اذكر في القرآن خبر إسماعيل. إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ، إذا وعد أنجز. قال مقاتل: إن إسماعيل وعد رجلاً أنْ ينتظره، فقام مكانه ثلاثة أيام للميعاد، حتى رجع الرجل إليه. وقال في رواية الكلبي: كان ميعادُه الذي وعد فيه صاحبه انتظره حتى حال الحول، وقال مجاهد: إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ يعني: لم يعد شيئاً إلا وفى به. وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا، يعني: كانَ رَسُولًا إلى قومه، نَبِيًّا يُخبر عن الله عز وجل. وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ، يعني: أهل دينه وقومه بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ، يعني: بإتمام الصلاة وإيتاء الزكاة. وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا، يعني: صالحاً ذكياً.

[سورة مريم (١٩) : الآيات ٥٦ الى ٥٨]

وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا (٥٧) أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْراهِيمَ وَإِسْرائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنا وَاجْتَبَيْنا إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا (٥٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>