للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منافع عصاه فقال: أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وَأَهُشُّ بِها عَلى غَنَمِي «١» وَلِيَ فِيها مَآرِبُ أُخْرى يعني:

حوائج أُخرى، وواحدها: مأربة. وقال مقاتل: كان موسى يحمل زاده على عصاه إذا سار، وكان يركزها في الأرض فيخرج الماء، وتضيء له بالليل بغير قمر، فيهتدي على غنمه. وروى أسباط عن السدي قال: كانت عصا موسى من عود شجر آس من شجر الجنة، وكان استودعها إياه ملك من الملائكة في صورة إنسان، يعني: عند شعيب، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كانت عصا موسى من عود ورد من شجر الجنة اثني عشر ذراعاً من ذراع موسى» .

قوله تعالى: قالَ أَلْقِها يا مُوسى يعني: ألق عصاك من يدك، فظن موسى أنه يأمره بإلقائها على وجه الرفض، فلم يجد بداً فَأَلْقاها فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعى يعني: تسرح وتسير على بطنها رافعة رأسها، فخاف موسى وولى هارباً قالَ الله تعالى لموسى: خُذْها وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى يعني: سنجعلها عصاً كما كانت أول مرة. وأصل السيرة: الطريقة كما يقال: فلان على سيرة فلان، أي: على طريقته، وإنما صار نصباً لنزع الخافض، والمعنى:

سنعيدها إلى حالها الأولى، فتناولها موسى فإِذا هي عصاً كما كانت.

ثم قال عز وجل: وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ قال الكلبي: الجناح أسفل الإبط، يعني:

أدخل يدك تحت إبطك تَخْرُجْ بَيْضاءَ لها شعاع يضيء كضوء الشمس مِنْ غَيْرِ سُوءٍ يعني:

من غير برص آيَةً أُخْرى يعني: علامة أُخرى مع العصا لِنُرِيَكَ مِنْ آياتِنَا الْكُبْرى يعني:

العظمى، ومعناه: لنريك الكبرى من آياتنا، ولهذا لم يقل الكبريات، لأنه وقع المعنى على واحدة.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٤ الى ٣٦]

اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (٢٤) قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)

وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣)

وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥) قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦)

ثم قال تعالى: اذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى، يعني: علا وتكبر وادعى الربوبية، يعني:

اذهب إليه وادعه إلى الإسلام. قالَ موسى عليه السلام: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، يعني:

يا رب وسع لي قلبي حتى لا أخاف منه، ويقال: لين قلبي بالإسلام حتى أثبت عليه، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي يعني: هون علي ما أمرتني به، وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يعني: ابسط العقدة أي:

الرثة من لساني يَفْقَهُوا قَوْلِي، يعني: يفهموا كلامي. وذلك أن موسى عليه السلام في حال صغره رفعه فرعون في حجره، فلطمه موسى لطمة، ويقال: أخذ بلحيته ومدها إلى الأرض،


(١) ما بين معقوفتين ساقط من النسخة «ب» .

<<  <  ج: ص:  >  >>