للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً في الآخرة لَنْ تُخْلَفَهُ. قرأ ابن كثير وأبو عمرو: لَنْ تُخْلَفَهُ بكسر اللام، يعني: لن تغيب عنه، ومعناه: تبعث يوم القيامة لا تقدر على غير ذلك، ولا تخلفه، وقرأ الباقون تُخْلَفَهُ بنصب اللام، يعني: لن تؤخر ولن تجاوز عنه، ويقال: معناه يكافئك الله تعالى على ما فعلت، والله لا يخلف الميعاد.

ثمّ قال: وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً، يعني: عابداً. لَنُحَرِّقَنَّهُ. روى معمر، عن قتادة قال: في حرف ابن مسعود: وانظر إلى إلهك الذى ظلت عليه عاكفا لنذبّحنّه ثم لَّنُحَرّقَنَّهُ، وقرأ الحسن لَّنُحَرّقَنَّهُ بالتخفيف، وقراءة العامة بالتشديد ونصب الحاء، ومعناه: أنه يحرق مرة بعد مرة. وقرأ أبو جعفر المدني لَنُحَرِّقَنَّهُ بنصب النون وضم الراء، ومعناه: لنبردنه بالمبارد، ويقال: حرقه وأحرقه. ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً، يعني: لنذرينه في البحر ذروّا والنسف: التذرية.

[سورة طه (٢٠) : الآيات ٩٨ الى ١٠٤]

إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (٩٨) كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً (٩٩) مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً (١٠٠) خالِدِينَ فِيهِ وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلاً (١٠١) يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً (١٠٢)

يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً (١٠٣) نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً (١٠٤)

ثمّ قَالَ موسى عليه السلام: إِنَّما إِلهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلهَ إِلَّا هُوَ، يعني: أن العجل ليس بإلهكم، وإنما إلهكم الله الذى لاَ إله إلا هو. وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً، يعني: أحاط علمه بكل شيء، وهو عالم بما كان وما يكون.

قال الله تعالى للنبي صلّى الله عليه وسلّم: كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ مَا قَدْ سَبَقَ، يعني: هكذا نقصّ عليك من أخبار ما مضى. وَقَدْ آتَيْناكَ، يعني: أعطيناك مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً، يعني: أكرمناك من عندنا بالقرآن.

قوله عز وجل: مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ، يعني: من كفر بالقرآن، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وِزْراً يعني: حملاً من الذنوب. خالِدِينَ فِيهِ، يعني: دائمين في عقوبة الوزر، وَساءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حِمْلًا يعني: بئس الحمل الوزر، وبئس ما يحملون من الذنوب.

قوله عز وجل: يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ، يعني: في يوم ينفخ في الصور، وهو يوم القيامة. قرأ أبو عمرو وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ بالنون، واحتج بقوله وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ وقرأ الباقون بالياء، قال أبو عبيدة: وبهذا نقرأ، لأن النافخ ملك قد التقم الصور، وأما الحشر فالله عز وجل يحشرهم. قال أبو عبيدة: معناه يَنْفُخ الأرواح في الصور، وخالفه غيره. ثم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>