للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلّى الله عليه وسلم لأنه أخص من الرحمن كما تقدم في الخاتمة أيضا «مالِكِ» أبلغ من ملك لأنه لا يكون مالكا للشيء إلا وهو يملكه ولأن الملك لا يكون إلا بالمبايعة والمالك يكون بالقهر، وجاز قراءة ملك بالصلاة لمن يقتصر على الفاتحة في الركعة الثانية لتكون الأولى أطول منها بحرف وهو في سنن القراءة في الصلاة ولأنها قراءة أيضا، ومن لم يفهم هذا المعنى من الأئمة يداوم على قراءة ملك في الثانية مع أنه يقرأ معها شيئا من القرآن ويظن أنه يحسن عملا أو ان قراءة ملك مطلوبة او انه واقف على القراءات، وقيل أن ملك أولى لأن كل ملك مالك أيضا وليس بشيء «يَوْمِ الدِّينِ ٣» أي الجزاء المتصرف بأمره ونهيه فيه، وجملة الحمد إخبارية لفظا انشائية معنى وما بعدها إخبار فقط، ثم رجع الخطاب لعباده فأمرهم ان يقولوا «إِيَّاكَ» يا ربنا «نَعْبُدُ» نخصّك بالعبادة ونوحدك طائعين خاضعين لك كما حققتها بالعبودية وسمي العبد عبدا لذلته لمولاه وانقياده لأوامره «وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ٤» لا نطلب المعونة إلا منك يا إلهنا، وتقديم المفعول يكون دائما للحصر، أي أن إعانتنا على عبادتك وأمورنا المحصورة فيك لا نقدر على القيام بها كما ينبغي إلا بقدرتك ومعونتك، وقال في المعنى:

إليك وإلّا لا تشد الركائب ... ومنك وإلّا فالمؤمل خائب

وفيك والّا فالغرام مضيّع ... وعنك والا فالمحدّث كاذب

ثم أمر عباده أن يسألوه ما يهمهم شأنه، وعلمهم كيف يدعونه بقوله عزّ قوله «اهْدِنَا» أرشدنا يا ربنا لسلوك الطريق «الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ٥» السويّ الموصل إلى رضاك، قال ابن عباس: هو دين الإسلام وقال غيره: القرآن، والحق أن يقال هو عام في كل ما من شأنه أن يكون عدلا حقا قال جرير:

أمير المؤمنين على صراط ... إذا اعوج الموادد مستقيم

واعلم أن السين قد ينوب عنها الصاد وبالعكس في كل كلمة فيها سين يأتي طاء أو خاء أو غين أو قاف، نقول صراط وسراط، وصخر وسخر، ومصبغة ومسبغة، وصيقل وسيقل، وما شابهها، أما في غيرها فلا نقول صلح سلح،

<<  <  ج: ص:  >  >>