للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعث، يقصد أن لا يموت أبدا، فينجو من العذاب الأخروي، لأنه إذا بقي يوم البعث يكون حاله حال الخلق بعد البعث لا يموتون أبدا، لأن هذه الحياة حياة موقته مهما طال أجلها وتلك حياة دائمة ما بعدها إلا الخلود في الجنة رزقنا الله إياها، أو الخلود في النار أجارنا الله منها. «قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ ٣٧» المؤخرين ولكن «إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ٣٨» أي موت جميع الخلق السابق علمه بأنه سيموت على كفره قال تعالى (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) الآية ٨٨ من القصص المارة في ج ١ وإجابته تعالى له بتأخير أجله لا إكراما له ولا لميزته على غيره، بل زيادة في شقائه، ولو أراد به خيرا لوفقه لطلب العفو عن جرمه وقبول توبته، ولكن حق قوله عليه في الأزل بشقائه، ولا راد لما قدره وقضاه. ولما عرف عدم إجابة طلبه كما أراد وأنه تعالى سيميته على كفره الذي عاش عليه ويبعثه على ما مات عليه وانقطع أمله مما توخّاه، صرح بما أكنه في قلبه من الغلّ والحقد لعباد الله،

[مطلب جهل إبليس وأن المزين في الحقيقة هو الله، وأن مبنى الأيمان على العرف وخلق الأفعال:]

«قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ» أي آدم وذريته ما داموا «فِي الْأَرْضِ» وقدمنا في آيات متعددة أن المزيّن في الحقيقة هو الله تعالى لأنه هو أقدر إبليس عليه أي أنه يزين حب الدنيا لهم مدة حياتهم وبقائهم على أرضها، وأحبذ لهم معصيتك «وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ» في زخارفها وشهواتها حتى يضلوا طريقك السوي «أَجْمَعِينَ ٣٩» بحيث لا أترك منهم أحدا إلا صددته عن الهدى، وقد حدى بالملعون سائق الانتقام فأقسم على أن يجتهد في إغواء آدم وذريته من بعده لأنه السبب الظاهري في طرده وعنائه وقد جاء القسم في الآية ٨٢ من سورة ص بلفظ (فَبِعِزَّتِكَ) لأن الحلف على ما قاله العراقيون بصفات الذات كالعزّة والعظمة والقدرة يمين، والحلف بصفات الفعل كالرحمة والسخط والعذاب ليس بيمين، وقد حلف الخبيث بكليهما، على أن الأيمان مبنية على العرف فما تعارف الناس الحلف

<<  <  ج: ص:  >  >>