للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه علامة على أنهم أعداء وهي عادة مطّردة حتى الآن عند عرب البادية، ولديهم عادة أخرى وهي أنهم إذا جاءوا بحاجة لا يأكلون قبل قضائها أو أن يتعهد لهم يخلافها، وثالثة وهي أن المضيف عند ما يقدم الطعام يأكل منه قبل الضيوف لقيمات ثم يقوم ويأمرهم بالأكل حتى لا يظن أن في الأكل شيئا ضارا ولمعرفة نضجه ولذته «قالُوا لا تَوْجَلْ» من شيء ولا تخف بل افرح وطب نفسا «إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ ٥٣ كثير العلم يأتيك من زوجتك العقيم سارة على ما هي عليه من الكبر واسمه إسحاق «قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ» والهرم «فَبِمَ تُبَشِّرُونَ ٥٤» بعد هذه الشيخوخة، على طريق الاستفهام التعجي، أي أن بشارتكم لي على ما أنا عليه وزوجتي من الحال أعجوبة «قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ» الصدق الواضح لأنه من أمر الله ولا عجب فيه «فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ ٥٥» لأن ذلك من قضاء الله وهو يقين فلا تيأس «قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ ٥٦» عن طريق الهدى، وإلا لا أحد يقنط منها البتة لأن الكل محتاجون إليها. هذا وانه عليه السلام لم يستبعد ذلك بالنسبة لعظيم قدرة الله، وإنما استبعده بالنسبة لواقع، لأن مثله ومثلها لا يتصور أن يولد لهما، وأن العقم وحده كاف للاستبعاد فكيف إذا ضم إليه الكبر؟ ثم لما عرفهم أنهم ملائكة «قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ ٥٧» غير بشارتي هذه «قالُوا» إن الخطب الذي جئنا به هو «إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ ٥٨» لنهلكهم بجرمهم القبيح ولذلك عبر بالخطب لعظمته ثم استثنى فقال «إِلَّا آلَ لُوطٍ» أهله وشيعته وأتباعه المؤمنين «إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ ٥٩» من الإهلاك ثم استثنى من أهله الناجين ما يتصور دخوله فيهم فقال «إِلَّا امْرَأَتَهُ» فهي هالكة معهم لأنا «قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ ٦٠» الباقين في العذاب معهم في علمنا الأزلي، هذا وقد أسندوا الفعل لأنفسهم مع أنه لله تعالى لاختصاصهم به وقربهم منه كما تقول خاصة الملك أمرنا وقضينا وفعلنا مع أنه بأمر الملك،

قال تعالى «فَلَمَّا جاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ٦١ قال» لهم لوط حينما دخلوا عليه «إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ ٦٢» لا أعرفكم إذ جاءوا بزي شباب حسان وكان مثلهم

<<  <  ج: ص:  >  >>