للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنها مخصصة لأوثانهم فقط لقوله «لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ» من سدنة الأوثان وخدمهم الرجال منهم دون النساء «بِزَعْمِهِمْ» الفاسد بأن النساء لا يستحقون ذلك ويطلق الزعم على القول بالظن المشوب بالكذب «وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها» عن الركوب وهي البحائر والسوائب والحوامي الآتي ذكرها في الآية ١٠١ من سورة المائدة في ج ٣ «وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا»

عند الذبح اكتفاء بذكر أوثانهم ويفترون هذا وغيره «افْتِراءً عَلَيْهِ» تعالى إذ نسبوا ذلك اليه كذبا محضا تعالت حضرته المقدسة عنه «سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ ١٣٨» من تلك النسبة بهتا وعدوانا وفي هذه الآية أيضا تهديد ووعيد لا يخفى على من له لب واع وفكر سديد «وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا» أي أن نسائهم لا يجوز لهن أكلها كأنها وقف على الذكور «وَإِنْ يَكُنْ» المولود منها «مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ» نساؤهم ورجالهم يأكلون منها على السواء فاتركهم يا سيد الرسل «سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ» أي جزاء وصفهم الكذب على الله في هذا وغيره، قال تعالى (وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ) الآية ٦٣ من سورة النحل الآتية ونسق هذه الجملة من بديع الكلام وبليغه لأنهم يقولون وصف كلامه الكذب إذا كذب وعينه تصف السحر أي أنه ساحر وقده يصف الرشاقة بمعنى انه رشيق القامة مبالغة كأن من رآه أو سمعه وصف له ذلك بما يشرحه له قال ابو العلاء

المعري:

سرى برق العرة بعد وهن ... فبات برامة يصف الملالا

وهذا كله من مقتضى الحكمة «إِنَّهُ» الله تعالى «حَكِيمٌ» بما يفعل بعباده «عَلِيمٌ ١٣٩» بما يفعلون له ولغيره وهذا تعليل للوعد بالجزاء فإن للعليم الحكيم بما صدر عنهم لا يترك جزاءهم الذي هو من مقتضى الحكم واستدل بهذه الآية على أنه لا يجوز الوقف على الذكور دون الإناث وأنه إذا فعل ذلك يفسخ ولو بعد الموت لأن هذا من فعل الجاهلية وقد نهى صلّى الله عليه وسلم عن التأسي بأفعالهم أخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت يعمد أحدكم إلى المال فيجعله الذكور من ولده ان هو الا كما قال الله تعالى (خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا) وخالصة مصدر كالعاقبة

<<  <  ج: ص:  >  >>