للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن بلا تشبيه لأنك لا تسمع بمجلس شرب منها إلا وتسمع فيه أنواعا من الشقاق والنزاع والضرب والشتم والسخرية وقد يقع فيه قتل وهم يرون ويعلمون ولا ينتهون ولا يعتبرون

«قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ ٥١» في الدنيا ينكر البعث وكان «يَقُولُ» لي «إِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ ٥٢» لما يقوله هذا الذي يزعم أنه رسول الله بأنا «أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً» فبلينا «أَإِنَّا لَمَدِينُونَ ٥٣» محاسبون مؤاخذون بما نفعل في هذه الدنيا كلا لا نصدق، وقد جاء في الحديث العاقل من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والجاهل من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني ثم التفت هذا المتكلم وخاطب أصحابه «قالَ» رجل من أهل الإيمان لجماعة معه في الجنة «هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ ٥٤» معي في النار لأريكم ذلك الرجل الذي كان ينكر الحشر والحساب؟ قالوا بلى «فَاطَّلَعَ» القائل وتابعه رفاقه «فَرَآهُ» لأنه يعرفه دونهم فإذا هو «فِي سَواءِ الْجَحِيمِ ٥٥» وسطها وسمي الوسط سواء لاستواء المسافة بالنسبة للجوانب المحيطة به ثم طفق يخاطبه «قالَ تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ» قاربت وأوشكت يا قريني في الدنيا «لَتُرْدِينِ ٥٦» تهلكني في الآخرة وتوقعني بما وقعت فيه الآن «وَلَوْلا نِعْمَةُ رَبِّي» الذي ثبتني على الإسلام والإيمان «لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ ٥٧» معك في هذه النار التي أنت فيها. ولم ينبه الله تعالى عن هذا القرين ماذا كان يعمل في الدنيا، فإذا حمل على قرينه من الشياطين يكون قوله ذلك من قبيل الوسوسة والإغواء، وان كان رفيقا له أو شريكا من الإنس وأخا كافرا أو عاصيا كما نص الله في سورة الكهف الآية ٣٢ الآتية وهي (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ) فيكون قوله على ظاهره وهو أولى والله أعلم كما سيأتي هناك إن شاء الله. ثم يقول أهل الجنة لسدنتها من الملائكة عند رؤيتهم ذلك النعيم المقيم حرصا على بقائهم فيها وخوفا من حرمانهم منه «أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ ٥٨» بعد هذا وهل إنا لا نموت «إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى» التي أحيانا الله بعدها ونعمتنا في هذه النعمة الجليلة «وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ٥٩» بعدها يقولون هذا على طريق التحدث بالنعمة لأنهم يعلمون أنهم لا يموتون ولا يعذّبون

<<  <  ج: ص:  >  >>