للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في خلق السموات والأرض وتفكرهم في ذلك، إذ هو اللائق به عليه السلام، لكنه أوهم قومه أنه يتفكر في أحوالها من حيث الاتصال والتقابل ونحوهما من الأوضاع التي تدل بزعمهم على الحوادث ليترتب عليها ما يتوصل به إلى غرضه الذي سيكون وسيلة إلى إنقاذهم مما هم فيه فقال «إِنِّي سَقِيمٌ ٨٩» مريض، وأراد بذلك مرض القلب من كفرهم وعنادهم وتمسكهم بعبادة الأوثان، أي اني لا أستطيع حضور التشريفات.

[مطلب في العدوى وقسم من قصة ابراهيم وتأثير الكواكب وغيرها وكذب المنجمين:]

وكانوا يعتقدون العدوى كالمتوهمين وضعاف اليقين من أهل هذا الزمن، لأن العدوى وإن كانت حقيقة إلا أنها بقدر الله وقد حذر الشارع من الاختلاط بالمخدومين لقذارتهم للعدوى، لأن الذي لا توجد فيه قابلية العدوى لا يعدى ولو أكل وشرب ونام مع المريض، وهذا ثابت لا ينكر وحذر أيضا الشارع من الدخول على البلد الذي فيه الطاعون لئلا يلزم من قدر عليه أن يصاب بذلك الوباء، فيقال له لم دخلت القرية الموبوءة حتى أصبت، وحذر أيضا من الخروج منها لئلا يلام هو إذا أصيب غيره بسببه ليس إلا، ويكفيك قول الرسول الأعظم للأعرابي حينما قال له بعد أن سمع منه حديث لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا غول وفرّ من المجذوم فرارك من الأسد. إنا نرى الجمل الأجرب يختلط بالإبل فيجربها (من أعدى الأول) تدبر هذا هداك الله وأزال وساوس قلبك وما تتخيله من الوهم المقضى إلى الأمراض والعلل لضعف قلوبهم «فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ ٩٠» تباعدوا عنه خشية العدوى فتركوه وذهبوا، فأخبروا الملك بمعذرته وبهذه الوسيلة تخلص من اجابة الدعوى لزيارة الأوثان وقدمنا ما يتعلق في مبادئ هذه القصة في الآية ٨٣ من سورة الأنعام المارة تبعا لذكر الله إياها هناك كما أتينا على قسم منها هنا للسبب نفسه وسيأتي تمامها في الآية ٥١ فما بعدها من سورة الأنبياء الآتية إن شاء الله القائل

«فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ» بعد أن ولوا عنه وكانوا ذهبوا إلى آلهتهم ووضعوا الأطعمة أمامها لتعود إليها بركتها وليأكلوا بعد رجوعهم من المراسيم المعتادة في الأعياد «فَقالَ» ابراهيم للأوثان «أَلا تَأْكُلُونَ ٩١» من هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>