للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ترون «أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً» فيما يقوله هذا الرجل «أَمْ بِهِ جِنَّةٌ» وصار بحيث لا يعي ما يقول ولا يدرك مغزى كلامه مما يلقى على لسانه من الوهم والخيال فيظنه حقيقة، فرد الله عليهم بقوله «بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ» أمثالكم الذين يستعظمون على الخالق الأول إعادة ما خلقه بعد أن أماته، هم المختلة عقولهم الكذبة في هذه الدنيا الذين سيكونون غدا بالآخرة التي يجحدونها «فِي الْعَذابِ» الشديد «وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ ٨» عن الحق الذي كانوا ينكرونه في الدنيا ويكذبون رسل الله الذين جاؤهم به «أَفَلَمْ يَرَوْا إِلى ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ» المحيطة بهم وهما في قبضتي «إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ» كما خسفناها بقارون وصاحبيه «أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً» قطعا «مِنَ السَّماءِ» كما اسقطنا على أصحاب الأيكة «إِنَّ فِي ذلِكَ» الخسف والإسقاط وما في السماء والأرض من آيات وعبر «لَآيَةً» عظيمة وعظة مؤثرة «لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ٩» خاشع خاضع لإلهيّتنا كافية بأن يستدل بها على قدرتنا الكاملة وعظمتنا الجليلة.

[مطلب مميزات داود وسليمان ومعجزات القرآن وكيفية موت سليمان عليهم السلام:]

قال تعالى «وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا» الملك والكتاب مع النبوة والرسالة ولم تجمع لنبي قبله، وزدناه على ذلك حسن الصوت حين يتلو الزبور الذي أنزلناه عليه، ولقد خصصناه بفضل آخر على إخوانه المرسلين بأن «قلنا يا جِبالُ أَوِّبِي» سبّحي الله واذكريه «مَعَهُ وَالطَّيْرَ» سخرناها له أيضا وأمرناها بأن تسبح معه فكان عليه السلام إذا سبح ربه سبحت معه الجبال والطيور والخلائق بدوي يبهر العقول والأسماع فيالها من نعمة عظيمة «وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ ١٠» خاصة له أيضا ليعمل منه لبوسا للحرب ولم يلنه لأحد قبله، ومع هذه النعم العظام كان عليه السلام يتنكر ويمشي في قومه ويسألهم عن نفسه ليعرف عيوبه ولا عيب فيه وإنما يفعل ذلك تعليما لأمته، فقيض الله له ملكا في صورة بشر فقال له عند ما سأله نعم العبد لولا خصلة واحدة قال وما هي قال إنه يأكل من بيت المال هو وعياله، فتنبه وسأل ربه أن يغنيه عنه، فعلمه صنعة الدروع التي تقي لا بسيها تأثير

<<  <  ج: ص:  >  >>