للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصريح الواضح وبمقتضاه «فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ٢» من شوائب الشرك والرياء، وهذا مما يراد به غيره صلى الله عليه وسلم من أمته لأنه لا شك بإخلاصه وبعده من الإشراك ولا مانع بأن يخاطب الأمير ما يراد به من الجند لأن الملك لا يولي أميرا إلا وهو يعتقد حزمه وأمانته وقد يحذره الهرب والخيانة أمام جنده ليكون أبلغ إمضاء فيهم «أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخالِصُ» من كل شائبة الكامل الذي لا أكمل منه «وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ» سخفا بعقولهم يقولون «ما نَعْبُدُهُمْ» لذاتهم «إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى» يتمكنون به من الشفاعة لهم مع أنهم شابوا عبادة الله بعبادتهم، فاتركهم يا حبيبي الآن ولا تتعرض لهم بأكثر من النصح والترغيب «إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ» وبين معبوديهم عند ما يأمرك بقتالهم وقسرهم على الإيمان كما يفصل بينك وبينهم يوم القيامة وحذف الثاني بدلالة الأول عليه قال النابغة:

فما كان بين الخير لو جاء سالما ... أبو حجر إلا ليالي قلائل

أي بين الخير وبيني وقال بعض المفسرين بينهم وبين المخلصين بالعبادة لله ويقرّب المعنى الأول قوله جل قوله «فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ» لأنهم يوم القيامة يجحدون عبادتهم ويتبرأون منهم ويصير بينهم الرد والبدل في تكذيب بعضهم راجع الآية ٤١ من سورة سبأ والآية ٤٤ من سورة الصافات والآية ١٣٠ من سورة الأنعام المارات والاختلاف على القول الثاني يكون في أمر التوحيد وأمر الشرك وادعاء كل صحة ما اتصف به ونتيجة حاله في إدخال المؤمنين الجنة والمشركين النار والكل جائز. قال تعالى «إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ» بقوله إن الأصنام تشفع له أو تقربه من الله لأنه كذب محض ولذلك وصفه بقوله «كَفَّارٌ ٣» كثير الكفر وإنما دحضه بلفظ المبالغة لأنه كفر من وجوه: جحود وحدانية الله واثبات الشريك له واتخاذه ربا دونه، ومن كان هذا شأنه فالهداية لا تناله لأنه غير قابل لها والله تعالى لا يفيض القوابل إلا بحسب القابليات كما يشير إليه قوله عز قوله (قالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) الآية ٥٠ من سورة طه في ج ١ وقوله (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) الآية ٨٤ من سورة الإسراء ج ١ أيضا وقولهَ ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ)

الآية ٣٣ من سورة النحل

<<  <  ج: ص:  >  >>