للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر إلى غروب الشمس. ولشرفه صلّى الله عليه وسلم وشرف أمته الذين فيه. قال تعالى:

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) الآية ١٠٩ من آل عمران في ج ٣ وجواب القسم «إِنَّ الْإِنْسانَ» أي جنسة المشتمل على أفراده كلها «لَفِي خُسْرٍ ١) من عمره لأن كل ساعة تمر منه لا بد أن تكون في طاعة أو معصية فان في معصية فهي الخسران المبين وإن في طاعة فلعلّ غيرها أفضل منها وهو قادر على الإتيان بالأفضل فكان فعل غير الأفضل نقصانا وخسرانا، وقد ورد في الحديث ما منكم إلا ندم يوم القيامة إن كان محسنا ندم إن لم يكن ازداد وإن كان مسيئا ندم إن لم يكن أقلع. ولا دلالة في هذه الآية لقول من قال إن مرتكب الكبيرة مخلد في النار لأن المستثنى محصور فيمن آمن وعمل صالحا لأنه لا دلالة فيها على اكثر من كون المستثنى في خسر ليس إلا، والخسر عام فيكون بالخلود إذا مات كافرا ويمطلق الدخول في النار إذا مات مؤمنا عاصيا فلا معنى للقول بان المستثنى ناسخ للمستثنى منه فيها كما لا منسوخ في المستثنى منه وهو «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ» فهم مستثنون من الخسران لأنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فربحوا وسعدوا وفازوا لاستبدالهم الفاني الخسيس بالباقي النقيس. وهذا اللفظ يشمل كل من اتصف بالايمان والعمل الصالح لا يختص بعلي كرم الله وجه أو سلمان الفارسي كما يتوهم من اقتصار ابن عباس عليها، على أنها من الطراز الأول في هذا المضمار كما وأنه لا يختص بمعنى الخاسر أبي جهل أو غيره من أضرابه، لأن اللفظ عام يدخل فيه كل من خسر الدنيا والآخرة وكل المؤمنين الذين يعملون صالحا «وَتَواصَوْا» عند الاجتماع والمفارقة فيما بينهم بان يوصي بعضهم بعضا «بِالْحَقِّ» في كل نوع من أنواعه ومنه القرآن وكل عمل خير «وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ ٣» بسكون الباء وقوىء بكسر الباء بنقل حركة الراء إلى الباء في الوقف لئلا يحتاج القارئ إلى الإتيان ببعض الحركة في الوقف، ولا إلى أن يسكن فيجمع بين ساكنين وهي لغة شاذة ولكنها في دمشق مستفيضة، وكذلك في حلب، أن يوصي بعضهم بعضا عند الشدائد وغيرها بالصبر وعن المعاصي التي تشتاق إليها النفس الخبيثة

<<  <  ج: ص:  >  >>