للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ» من قبل قومه، فمنهم من آمن ومنهم من كفر مثل قومك يا محمد «وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ» بتأخير العذاب «لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ» في الدنيا وأهلكوا جميعا كسائر الأمم السالفة، ولكن أرجأناهم بمقتضى سابق علمنا ليؤمن مؤمنهم ويصر كافرهم «وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ» ٤٥ صفة مؤكدة للشك، كما أن قوم موسى كانوا في ريب من كتابهم «مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» ٤٦ فلا يعذب إلا المسيء بحسب إساءته فقط، وحاشاه من الظلم، وقدمنا في الآية ١٦ من سورة يونس المارة ما يتعلق بعدم جواز نسبة الظلم إلى الله فراجعها، ونظير هذه الآية الآية ١٥ من سورة الجاثية الآتية، إلا أنها ختمت بغير ما ختمت به هذه. قال تعالى «إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ» عند السؤال عنها، أي إذا سئلت يا سيد الرسل عن زمن القيامة فقل علمها عند الله وحده «وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها» أو عينها، ومن الأولى مؤكدة للتنكير مما يزيد عمومه وإطلاقه، أي مطلق ثمره من جميع أنواعها، وكذلك من قوله «وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ» وأمره وإرادته أي لا يكون شيء من ذلك كما لا يكون غيره بغير علم الله وأنه ما يقع من ذلك على لسان بعض العارفين من الإخبار بوقت الإثمار ووقت تكون الحمل وزمن الوضع وبيان الموضع، هو من إلهام الله تعالى إياهم. أما ما يقوله المنجمون والسحرة والكهنة فمن طريق الحسبان والظن والتوسم، راجع الآية ٧٦ من سورة الحجر المارة تجد هذا البحث مستوفيا «وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي» الذين سميتموهم بالدنيا أحضروهم إليّ الآن لأسألهم عن الذي حدا بهم لهذه الدعوى الباطلة «قالُوا آذَنَّاكَ» أخبرناك يا ربنا وأعلمناك بأنه «ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ» ٤٧ الآن بأن لك شركاء البتة، وذلك لأن الذين اتخذوهم شركاء ينكرون ذلك ويتبرءون منهم عند معاينة العذاب، وقبله في الوقف وهو الحساب. قال تعالى «وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ» من الشركاء «مِنْ قَبْلُ» في الدنيا «وَظَنُّوا» أيقنوا إيقانا لا ريب فيه أنهم «ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ» ٤٨ من العذاب ولا محيد عنه وحاص

<<  <  ج: ص:  >  >>