للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس كمثل الفتى زهير ... خلق يوازيه في الفضائل

وقال الآخر:

سعد بن زيد إذا أبصرت فضلهم ... ما ان كمثلهم في الناس من أحد

أما قوله تعالى: (وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) فهو الوصف الأعلى الذي ليس لغيره جلّ شأنه، كما سيأتي في الآية ٦٠ من سورة النحل والآية ٢٧ من سورة الروم الآتيتين إن شاء الله، ويجوز عقيدة إطلاق الشيء على الله تعالى، قال في بدء الأمالي:

نسمي الله شيئا لا كالاشيا ... وذاتا عن جهات الست خالي

«وَهُوَ السَّمِيعُ» لأقوالنا خفيها وجليها لفظها ورمزها «الْبَصِيرُ» ١١ بأعمالنا كلها «لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» مفاتحها بيده، وهي وما فيهما ملكه يتصرف فيهما كيف يشاء. وتقدم البحث في هذا في الآية ٦٣ من سورة الزمر بصورة مفصلة فراجعها، «يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ» يضيق على من يشاء بحسب الحكمة «إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» ١٢ ومن مقتصى علمه إعطاء كل ما يستحقه «شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً» أي أن الذين الذي شرعه لك ربك يا محمد ليس بشيء جديد، وإنما هو الذي شرعه لمن قبلك من الأنبياء، وقد تطابقت الشرائع على صحته وأجمعت على دعوة أممهم إليه من حيث أصوله الراسخة، لأن الكل مرسلون من قبله على نمط واحد ووتيرة واحدة، فكلهم يدعون إلى توحيد الله وعبادته والاعتراف بأنبيائه، وبالبعث بعد الموت، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. «وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» يا أكرم الرسل من القرآن فيه ما أوحينا به لمن قبلك «وَما» أي الذي «وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى» من قبلك عبارة عن أمرنا لهم «أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ» وأمروا أممكم بالاستقامة فيه وواظبوا عليه وشيدوا أركانه يحفظه من الزيغ وقدمنا ما يتعلق في هذا البحث في الآية ١٩٤ من سورة الشعراء المارة في ج ١، وإنما ذكر تعالى هؤلاء الأنبياء دون غيرهم لأنهم من أولي العزم، ولأنهم أكثر الناس أتباعا، ولأنهم أصحاب الشرائع المعظمة، وقد ذكرهم الله تعالى في الآية ٧ من سورة الأحزاب مجتمعين أيضا، لأنهم خمسة لا سادس لهم على القول الصحيح،

<<  <  ج: ص:  >  >>