للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفراده في صفة الكبرياء والعظمة. وفي هذا إعلام بأنهما ليسا كسائر الصفات التي يتصف بها بعض المخلوقين مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما، وشبههما بذلك لأن المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان، ولأنه لا يشاركه في ردائه وإزاره أحد، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن

يشاركه فيهما أحد، لأنهما من صفاته اللازمة المختصة به وهذا، والله أعلم، وأستغفر الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

تفسير سورة الأحقاف عدد ١٦- ٦٦- ٤٦

نزلت بمكة بعد الجاثية، عدا الآيات ١٠، ١٥، ٣٥ فإنها نزلت بالمدينة، وهي خمس وثلاثون آية، وستمئة وأربع وأربعون كلمة، وألفان وخمسمائة وخمسة وتسعون حرفا.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قال تعالى: «حم» ١ تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» ٢ تقدم تفسيرها بنظيراتها التي قبلها حرفيا «ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ» الذي تقتضيه الحكمة الكونية والتشريعية وهذا الاستثناء مفرغا من أعم الأحوال من فاعل خلقنا أو مفعوله، أي ما خلقناهما في حال من الأحوال إلا حالا ملابسا بالحق، وفيه دلالة على وجود الصانع وصفات كماله وابتغاء أفعاله على حكم بالغة عظيمة وانتهائها إلى غايات جليلة بالغة، وكل ذلك يؤجل إلى قدر مقدر في اللوح المحفوظ لا يتبدل ولا يتغير، ولا يقدم ولا يؤخر، يدلك عليه قوله عز قوله «وَأَجَلٍ مُسَمًّى» ينتهي إليه فناؤهما، وهو معلوم لديه وحده، لأن علمه مما اختص به نفسه المقدسة. قال تعالى «وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا» به في هذا القرآن من بعث وحساب وغيره «مُعْرِضُونَ» ٣ عنه لا يلتفتون إليه والواو للحال أي والحال أنهم في إعراض عريض عنه، فيا سيد الرسل «قُلْ» لهؤلاء المعرضين «أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ» أخبروني عنها وكيف تعبدونها وهي أوثانا جامدة لا حقيقة لها «أَرُونِي» ماهيتها و «ماذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ» حتى تستحق العبادة «أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>